الدال عَلَى الشر كصانعه.

ثم قيل: البر والتقوى، لفظان بمعنى واحد، وكرر باختلاف اللفظ تأكيدا، ومبالغة، إذ كل بر تقوى، وكل تقوى بر. قَالَ ابن عطية: وفي هَذَا تسامح مّا، والعرف فِي دلالة هذين اللفظين: أن البر يتناول الواجب والمندوب إليه، والتقوى رعاية الواجب، فإن جُعِل أحدهما بدل الآخر فبتجوز. وَقَالَ الماوردي: ندب الله سبحانه إلى التعاون بالبر، وقرنه بالتقوى له؛ لأن فِي التقوى رضا الله تعالى، وفي البر رضا النَّاس، ومن جمع بين رضا الله تعالى، ورضا النَّاس، فقد تمت سعادته، وعَمَّت نعمته.

وَقَالَ ابن خويزمنداد فِي "أحكامه": والتعاون عَلَى البر والتقوى، يكون بوجوه: فواجب عَلَى العالم أن يعين النَّاس بعلمه، فيعلمهم، ويعينهم الغني بماله، والشجاع بشجاعته فِي سبيل الله، وأن يكون المسلمون متظاهرين، كاليد الواحدة، "المؤمنون تتكافؤ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد عَلَى منْ سواهم" (?)، ويجب الإعراض عن المتعدي، وترك النصرة له، ورَدُّه عما هو عليه.

ثم نهى الله تعالى، فَقَالَ: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}: وهو الحكم اللاحق عن الجرائم، وعن العدوان، وهو ظلم النَّاس، ثم أمر بالتقوى، وتوعد توعدا مجملا، فَقَالَ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب}.

وقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}.

وقوله تعالى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ}: هي التي تموت خنقا، وهو حبس النَّفَسِ، سواء فعل بها ذلك آدمي، أو اتّفق لها ذلك فِي حبل، أو بين عودين، أو نحوه. وذكر قتادة أن أهل الجاهلية كانوا يخنقون الشاة وغيرها، فإذا ماتت أكلوها. وذكر نحوه ابن عباس.

وقوله تعالى: {وَالْمَوْقُوذَةُ}: هي التي تُرمَى، أو تضرب بحجر، أو عصى حَتَّى تموت، منْ غير تذكية.

وقوله تعالى: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ}: هي التي تتردى منْ العلو إلى السفل فتموت، كَانَ ذلك منْ جبل، أو فِي بئر، ونحوه، وهي مُتفعِلة منْ الرَّدَى، وهو الهلاك، وسواء تردت بنفسها، أو رَدّاها غيرها.

وقوله تعالى: {وَالنَّطِيحَةُ}: فَعِيلة بمعنى مفعولة، وهي الشاة تنطحها أخرى، أو غير ذلك فتموت، قبل أن تُذكَّى، وتأول قوم النطيحة بمعنى الناطحة؛ لأن الشاتين قد تتناطحان فتموتان، وقيل: نطيحة، ولم يقل: نَطيح، وحقُّ فعيل أن لا يذكر فيه الهاء، كما يقال: كّفٌّ خضيب، ولحية دهين، لكن ذكر الهاء هاهنا؛ لأن الهاء إنما تحذف منْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015