شعائر الله جميع ما أمر الله به، ونهى عنه. وَقَالَ الحسن: دين الله كله، كقوله: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]: أي دين الله.

قَالَ القرطبيّ. وهذا القول هو الراجح، الذي يقدم عَلَى غيره؛ لعمومه.

وقوله تعالى: {وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَام}: اسم مفرد يدل عَلَى الجنس، فِي جميع الأشهر الحرم، وهي أربعة، واحد فرد، وثلاثة سرد: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب الذي بين جمادى وشعبان.

والمعنى: لا تستحلوها للقتال، ولا للغارة، ولا تبدّلوها، فإن استبدالها استحلال، وذلك ما كانوا يفعلونه منْ النسيء، وكذلك قوله: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ}: أي لا تستحلوه، وهو عَلَى حذف مضاف: أي ولا ذوات القلائد، جمع قلادة، فنهى سبحانه عن استحلال الهدي جملة، ثم ذكر المقلد منه تأكيدا، ومبالغة فِي التنبيه عَلَى الحرمة فِي التقليد.

وقوله تعالى: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ}: الهدي ما أُهدي إلى بيت الله تعالى، منْ ناقة، أو بقرة، أو شاة: الواحدة هَدْيَة، وهَدِيَّة، وهَدْي، فمن قَالَ: أراد بالشعائر المناسك، قَالَ: ذكر الهدي تنبيها عَلَى تخصيصها، ومن قَالَ: الشعائر الهدي، قَالَ: إن الشعائر ما كَانَ مُشعَرًا: أي مُعلَمًا بإسالة الدم منْ سنامه، والهدي ما لم يُشعَر اكتفى فيه بالتقليد.

وقيل: الفرق أن الشعائر: هي البدن، منْ الأنعام، والهدي: البقر، والغنم، والثياب، وكُلُّ ما يُهدَى. وَقَالَ الجمهور: الهدي عام فِي جميع ما يتقرب به، منْ الذبائح والصدقات.

قوله تعالى: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}: يعني القاصدين له، منْ قولهم: أممت كذا: أي قصدته، وقرأ الأعمش: "ولا آمي البيت الحرام" بالإضافة، كقوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ}. والمعنى: لا تمنعوا الكفار القاصدين البيت الحرام، عَلَى جهة التعبد والقربة، وعليه فقيل: ما فِي هذه الآيات منْ نهي عن مشرك، أو مراعاة حرمة له، بقلادة، أو أم البيت، فهو كله منسوخ بآية السيف, فِي قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} , وقوله: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} , فلا يمكن المشرك منْ الحج، ولا يُؤَمَّن فِي الأشهر الحرم، وإن أهدى، وقَلَّد، وحج.

وقيل: الآية محكمة، لم تُنسخ، وهي فِي المسلمين، وَقَدْ نهى الله عن إخافة منْ يقصد بيته منْ المسلمين، والنهي عام فِي الشهر الحرام وغيره، ولكنه خَصَّ الشهر الحرام بالذكر؛ تعظيما وتفضيلاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015