ومزارعة، ومصالحة، وتمليك، وتخيير، وعتق، وتدبير، وغير ذلك منْ الأمور، ما كَانَ ذلك غير خارج عن الشريعة، وكذلك ما عقده عَلَى نفسه لله منْ الطاعات، كالحج، والصيام، والاعتكاف، والقيام، والنذر، وما أشبه ذلك منْ طاعات ملة الإسلام. وأما نذر المباح، فلا يلزم بإجماع منْ الأمة، قاله ابن العربي.

وقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}: الخطاب لكل منْ التزم الإيمان عَلَى وجهه، وكماله، وكان للعرب سنن فِي الأنعام، منْ البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، فنزلت هذه الآية، رافعة لتلك الأوهام الخيالية، والآراء الفاسدة الباطلة.

واختلُف فِي معنى بهيمة الأنعام، والبهيمة: اسم لكل ذي أربع، سُمّيت بذلك لإبهامها، منْ جهة نقص نطقها، وفهمها، وعدم تمييزها وعقلها، ومنه بابٌ مُبهمٌ: أي مغلق، وليل بهيم، وبُهْمة للشجاع الذي لا يُدرَى منْ أين يُؤتى له.

والأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، سُميت بذلك؛ للين مشيها، وقيل: غير ذلك فِي معنى الأنعام، انظر "تفسير القرطبيّ" 6/ 34 - 35.

وقوله تعالى: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}:أي يقرأ عليكم القرآن, والسنة, منْ قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}، وقوله عليه الصلاة والسلام: "وكل ذي ناب منْ السباع حرام"، رواه مسلم، والنسائيّ.

[فإن قيل]: الذي يتلى علينا الكتاب، ليس السنة.

[قلنا]: كل سنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهي منْ كتاب الله، والدليل عليه أمران:

[أحدهما]: حديث العسيف: "لأقضين بينكما بكتاب الله"، والرجم ليس منصوصا فِي كتاب الله.

[الثاني]: حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ومالي لا ألعن منْ لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو فِي كتاب الله ... " الْحَدِيث.

ويحتمل {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} الآن، أو {يُتْلَى عَلَيْكُم} فيما بعدُ منْ مستقبل الزمان، عَلَى لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيكون فيه دليل عَلَى جواز تأخير البيان، عن وقت لا يُفتقر فيه، إلى تعجيل الحاجة.

وقوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ}: أي ما كَانَ صيدا فهو حلال فِي الإحلال، دون الإحرام، وما لم يكن صيدا فهو حلال فِي الحالين.

واختلف النحاة فِي: {إِلَّا مَا يُتْلَى}: هل هو استثناء، أو لا؟، فَقَالَ البصريون: هو استثناء منْ {بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}، و {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} استثناء آخر أيضا منه، فالاستثناءان جميعا منْ قوله: {بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}، وهي المستثنى منها، التقدير: إلا ما يتلى عليكم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015