عند البخاريّ للبينة ذكر، وإنما قَالَ يحيى فِي رواية: "أتحلفون، وتستحقون قاتلكم"، أو "صاحبكم"، هذه رواية بشر بن المفضل عنه، وفي رواية حماد عنه: "أتستحقون قاتلكم"، أو "صاحبكم بأيمان خمسين منكم"، وفي رواية عند مسلم: "يُقسم خمسون منكم عَلَى رجل منهم، فيُدفع برُمّته"، وفي رواية سليمان بن بلال: "تحلفون خمسين يمينا، وتستحقون"، وفي رواية ابن عيينة، عن يحيى، عند أبي داود: "تبرئكم يهود بخمسين يمينا، تحلفون"، فبدأ بالمدعَى عليهم، لكن قَالَ أبو داود: إنه وَهَمٌ، كذا جزم بذلك، وَقَدْ قَالَ الشافعيّ: كَانَ ابن عيينة لا يثبت، أَقَدَّم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الأنصار فِي الأيمان، أو اليهود، فيقال له: إن فِي الْحَدِيث أنه قدم الأنصار، فيقول هو ذاك، وربما حدث به كذلك، ولم يشك، وفي رواية أبي ليلى: "فَقَالَ لحويصة، ومحيصة، وعبد الرحمن: أتحلفون، وتستحقون دم صاحبكم؟ فقالوا: لا"، وفي رواية أبي قلابة: "فأرسل إلى اليهود، فدعاهم، فَقَالَ: أنتم قتلتم هَذَا، فقالوا: لا، فَقَالَ: أترضون نَفْل خمسين منْ اليهود، ما قتلوا، ونَفْل بفتح النون، وسكون الفاء-: أي حلف خمسين منْ اليهود.

وقوله: وكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبطل دمه": هكذا رواية المصنّف "يبطل" منْ البطلان، وفي رواية البخاريّ: "أن يُطَلَّ" -بضم أوله، وفتح الطاء، وتشديد اللام-: أي يُهْدَر.

وقوله: "فوداه مائة": وعند البخاريّ فِي رواية الكشميهني: "بمائة"، ووقع فِي رواية أبي ليلى المتقدّمة: "فوداه منْ عنده"، وفي رواية يحيى بن سعيد السابقة: "فعقله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ عنده": أي أعطى ديته، وفي رواية حماد بن زيد المتقدّمة أيضًا: "منْ قبله" -بكسر القاف، وفتح الموحدة-: أي منْ جهته، وفي رواية الليث: "فلما رأى ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أعطى عقله".

وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": إنما وداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ قطعا للنزاع، وإصلاحا لذات البين، فإن أهل القتيل لا يستحقون، إلا أن يحلفوا، أو يستحلفوا المدعَى عليهم، وَقَدْ امتنعوا منْ الأمرين، وهم مكسورون بقتل صاحبهم، فأراد -صلى الله عليه وسلم- جبرهم، وقطع المنازعة، وإصلاح ذات البين بدفع ديته منْ عنده.

وقوله: "فوداه منْ عنده": يحتمل أن يكون منْ خالص ماله، فِي بعض الأحوال، صادف ذلك عنده، ويحتمل أنه منْ مال بيت المال، ومصالح المسلمين.

وأما قوله: "منْ إبل الصدقة": فقد قَالَ بعض العلماء: إنها غلط منْ الرواة؛ لأن الصدقة المفروضة لا تصرف هَذَا المصرف، بل هي لأصناف سماهم الله تعالى، وَقَالَ الإِمام أبو إسحاق المروزي، منْ الشافعيّة: يجوز صرفها منْ إبل الزكاة؛ لهذا الْحَدِيث،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015