(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم أكل ذبائح اليهود، وهو الجواز. (ومنها): جواز أكل الشحوم التي توجد عند اليهود، وكانت محرّمة عَلَى اليهود، وكرهها مالك، وعن أحمد تحريمها، وسيأتي تحقيق الخلاف فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.

(ومنها): أن فيه حجةً عَلَى منْ منع ما حرم عليهم، كالشحوم؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أقرّ ابن مغفل عَلَى الانتفاع بالجراب المذكور. (ومنها): أن فيه جواز أكل الشحم مما ذبحه أهل الكتاب لو كانوا أهل حرب؛ لأن الله تعالى لم يخصّ حين أحلّ ذبائحهم ذميًّا منْ حربيّ، ولا لحمًا منْ شحم. (ومنها): بيان ما كَانَ عليه الصحابة -رضي الله عنهم- منْ توقير النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومن معاناة التنزّه عن خوارم المروءة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة) فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم ذبائح أهل الكتاب:

قَالَ الإِمام ابن قُدامة رحمه الله تعالى فِي "المغني" 13/ 293 - 2945 - : أجمع أهل العلم عَلَى إباحة ذبائح أهل الكتاب؛ لقول الله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الآية [المائدة: 5] يعني ذبائحهم. قَالَ البخاريّ: قَالَ ابن عباس: طعامهم ذبائحهم، وكذلك قَالَ مجاهد، وقتادة، ورُوي معناه عن ابن مسعود، وأكثر أهل العلم، يرون إباحة صيدهم أيضاً، قَالَ ذلك عطاء، والليث، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم أحدا حَرَّم صيد أهل الكتاب، إلا مالكا، أباح ذبائحهم، وحرّم صيدهم، ولا يصح؛ لأن صيدهم منْ طعامهم، فيدخل فِي عموم الآية؛ ولأن منْ حلت ذبيحته حل صيده، كالمسلم.

قَالَ: ولا فرق بين العدل والفاسق، منْ المسلمين، وأهل الكتاب، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لا تؤكل ذبيحة الأقلف، وعن أحمد مثله، والصحيح إباحته، فإنه مسلم، فأشبه سائر المسلمين، وإذا أبيحت ذبيحة القاذف، والزاني، وشارب الخمر، مع تحقُّق فسقه، وذبيحة النصراني، وهو كافر أقلف، فالمسلم أولى.

قَالَ: ولا فرق بين الحربي والذمي، فِي إباحة ذبيحة الكتابي منهم، وتحريم ذبيحة منْ سواه، وسئل أحمد عن ذبائح نصارى أهل الحرب، فَقَالَ: لا بأس بها، حديث عبد الله ابن مغفل فِي الشحم (?) قَالَ إسحاق أجاد. وَقَالَ ابن المنذر: أجمع عَلَى هَذَا كل منْ نَحفَظ عنه منْ أهل العلم، منهم مجاهد، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015