شيخه أحد مشايخ الأئمة السنّة بلا واسطة، كما سبق قريباً. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
عن حُميد بن هلال رحمه الله تعالى أنه (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ) رضي الله تعالى عنه، أنه (قَالَ: دُلِّيَ) بالبناء للمفعول منْ التدلية: أي نزّلوه منْ القلعة إلى خارجها (جِرَابٌ) بكسر الجيم، وتخفيف الراء (مِنْ شَحْمٍ) أي جراب مملوء بشحم (يَوْمَ خَيْبَرَ) أي يوم فتح خيبر (فَالْتَزَمْتُهُ) أي أخذته (قُلْتُ: لَا أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا) وفي رواية البخاريّ: "كنّا محاصرين قصر خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه، فالتفتّ، فإذا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فاستحييت منه" (فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) "إذا" هي الفُجائيّة، أي ففجأني وجود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي ذلك المكان (يَتَبَسَّمُ) جملة فِي محلّ نصب عَلَى الحال، أي حال كونه متبسّمًا؛ تعجّبًا منْ حرصه عَلَى ذلك الشحم. قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: وهذا تقرير منه -صلى الله عليه وسلم- عَلَى تناوله، إذ عادة النَّاس فِي تلك الأيام أكل الشحم، فلو كَانَ حرامًا لوجب أن يبيّن أنه لا يجوز أكله، ويلزم منه حلّه، وهو يستلزم حلّ ذبائحهم، فإن الشحم شحم ذبائحهم. انتهى.
وزاد أبو داود الطيالسيّ فِي روايته فِي آخره: "فَقَالَ: هو لك"، وكأنه -صلى الله عليه وسلم- عرف شدّة حاجته إليه، فسوّغ له الاستئثار به. قاله فِي "الفتح" 6/ 389 "كتاب فرض الخمس".
وَقَالَ أيضًا: وَقَدْ أخرج ابن وهب بسند معضل أن صاحب المغانم كعب بن عمرو بن زيد الأنصاريّ، أخذ منه الجراب، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خلّ بينه وبين جرابه"، وبهذا يتبيّن معنى قوله: "فاستحييت منْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ولعله استحيا منْ فعله ذلك، ومن قوله معاً. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن مُغفّل رضي الله تعالى عنه هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -38/ 4437 - وفي "الكبرى" 39/ 4524. وأخرجه (خ) "فرض الخمس" 3153 و"المغازي" 4213 و"الذبائح" 5508 (م) "الجهاد" 3320 و3321 (د) "الجهاد" 2702 (أحمد) "مسند الشاميين" 16349 و20044 (الدارمي) "السير" 2500. والله تعالى أعلم.