قَالَ الحافظ: ودلت رواية شعبة عَلَى أن شيخهم، كَانَ يشك، فيُحمَلُ عَلَى أنه جزم مرة بالسبع، ثم لما طرأ عليه الشك، صار يجزم بالست؛ لأنه المتيَقَّن، ويؤيد هَذَا الحمل أن سماع سفيان بن عيينة عنه متأخر، دون الثوري، ومن ذكر معه. انتهى.
والحديث متَّفقٌ عليه، كما سبق بيانه فِي الذي قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".
...
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قَالَ في "القاموس": "النَّمْل": معروف، واحدته نَمْلة، وَقَدْ تُضمّ الميم، جمعه نِمَالٌ، وأرضٌ نَمِلَةٌ، كزَنِخَةٍ: كثيرتها. انتهى.
وَقَالَ فِي "اللسان": النمل معروفٌ، واحدته نملة، ونَمُلَة -أي بضم الميم-، وَقَدْ قرىء به، فعلّله الفارسيّ بأن أصل نمْلَة نَمُلةٌ، ثم وقع التخفيف، وغَلَب. وقوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} جاء لفظ "ادخلوا" فِي النمل، وهي لا تعقل، كلفظ ما يَعقل؛ لأنه قَالَ: {قَالَتْ}، والقول لا يكون إلا للحيّ الناطق، فأُجريت مُجراه، والجمع نِمال، قَالَ الأخطل:
دَبِيبُ نِمَالٍ فِي نَقًا يَتَهَيَّلُ
وأرضٌ نَمِلةٌ كثيرة النمل، وطعام منمولٌ: أصابه النمل. وذكر الأزهريّ حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل النحلة، والنملة، والصُّرَد، والهدهد". وروى عن إبراهيم الحربيّ، قَالَ: إنما نهى عن قتلهنّ؛ لأنهنّ لا يؤذين النَّاس، وهي أقلّ الطيور، والدوات ضررًا عَلَى النَّاس، ليس مثل ما يتأذّى النَّاس به منْ الطيور، والغراب، وغيره، قيل له: فالنملة، إذا عضّت تُقتل؟ قَالَ: النملة لا تَعَضّ، إنما يَعضّ الذَرّ، قيل له: إذا عضّت الذرّ تُقتل؛ قَالَ: إذا آذتك، فاقتلها، قَالَ: والنملة هي التي لها قوائم، تكون فِي البراري، والْخَرَابات، وهذه التي يتأذّى النَّاس بها هي الذرّ، وهي الصغار. ثم قَالَ: والنمل ثلاثة أصناف: النمل، وفازِر، وعُقَيفان، قَالَ: والنمل يسكن البراري والخرابات، ولا يؤذي النَّاس، والذرّ يؤدي. وقيل: أراد بالنهي نوعًا خاصًا، وهو الكبار، ذوات الأرجل الطوال. وَقَالَ الحربيّ: النمل ما كَانَ له