وقيل: معناه: يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها، وتسويلها. [والوجه الثاني]: فيَرْفُقُ بفتح الياء، وإسكان الراء، وبعدها فاء مضمومة. [والثالث]: فيَدْفِقُ بالدال المهملة الساكنة، وبالفاء المسكورة: أي يدفع، ويصبّ، والدفق. الصبّ. انتهى كلام النوويّ (?).
(فَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي) يحتمل أن يكون بضم الميم، وكسر اللام، بصيغة اسم الفاعل، وأن يكون بفتح الميم، واللامِ، ظرفًا: أي هذه الفتنة محلّ هلاكي، أو زمانه (ثُمَّ تَنْكَشِفُ) أي تزول تلك الفتنة (ثُمَّ تَجِيءُ) أي فتنة أخرى (فَيَقُولُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ) ببناء الفعل للمفعول: أي يُنحّى عنها، ويُؤخّر منها (وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ) ببناء الفعل للمفعول أيضًا (فَلْتُدْرِكْهُ مَوْتَتُهُ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ، مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ) أي ليؤد إليهم، ويفعل بهم ما يُحبّ أن يُفعَل به. وَقَالَ القرطبيّ: أي يجيء إلى الناس بحقوقهم منْ النصح، والنيّة الحسنة بمثل الذي يُحب أن يُجاء إليه به، وهذا مثلُ قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه". متَّفقٌ عليه. والناس هنا: الأئمة، والأمراء، فيجب عليه لهم منْ السمع، والطاعة، والنصرة، والنصيحة، مثل ما لو كَانَ هو الأمير لكان يُحبّ أن يُجاء له به. انتهى (?).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "والناس هنا الأئمة الخ" فيه نظرٌ لا يخفى، بل الأولى كونه عَلَى عمومه، فالمراد بالناس جميع المسلمين، ومما يردّ عليه دعوى الخصوص هَذَا الحديث الذي مثّل هو به، فإنه صريح فِي العموم، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
(وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ) أي ضرب يده عَلَى يده عند المبايعة، وأصل الصفقة: الضرب بالكفّ عَلَى الكفّ، أو بأصبعين عَلَى الكفّ، وهو التصفيق (وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ) أي خالص عهده، أو محبّته بقلبه (فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا رَقَبَةَ الآخَرِ) قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: معناه: ادفعوا الثاني، فإنه خارج عَلَى الإِمام، فإن لم يندفع إلا بحرب، وقتال، فقاتِلُوه، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله، ولا ضمان فيه؛ لأنه ظالم مُعتدٍ فِي قتاله.
قَالَ عبد الرحمن بن عبد ربّ الكعبة (فَدَنَوْتُ مِنْهُ) أي قرُبتُ منْ عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما (فَقُلْتُ) زاد فِي رواية مسلم: "له" (سَمِعْتَ رسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-,