قيل: أراد عمر رضي الله تعالى عنه عبيدا مخصوصين، وذلك أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يُعطي ثلاثة مماليك لبني غفار، شهدوا بدرًا، لكل واحد منهم في كلّ سنة ثلاثة آلاف درهم، فأراد بهذا الاستثناء هؤلاء الثلاثة. وقيل: أراد جميع المماليك، وإنما استثنى من جملة المسلمين بعضاً من كل، فكان ذلك منصرفًا إلى جنس المماليك، وقد يوضع البعض موضع الكلّ، حتى قيل: إنه من الأضداد. انتهى (?).
(وَلَئِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقُّهُ، أَوْ قَالَ: حَظُّهُ) يعني أن كلّ مسلم يصل إليه حقّه بدون تعب. وفي رواية ابن جرير المتقدّمة: "ثم قال: لئن عِشتُ ليأتينّ الراعي، وهو بِسَرْوِ حِمْيَر (?) نصيبه، لم يَعْرَق فيها جبينه". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمر رضي الله تعالى عنه هذا متَفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -1/ 4150 - وفي "الكبرى" 2/ 4450. وأخرجه (خ) في "الجهاد" 2904 و"فرض الخمس" 3094 و"المغازي" 4034 و"التفسير" 4885 و"النفقات" 5357 و5358 و"الفرائض" 6728 و"الاعتصام بالكتاب والسنّة" 7305 (م) في "الجهاد" 1757 (د) في "الخراج" 2963 و2965 و2966 و2975 (ت) في "الجهاد" 1719. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): الشفاعة عِنْدَ الحاكم في إِنْفَاذ حُكْم، وَتَبْيِين الْحَاكِم وَجْه حُكْمِهِ. (ومنها): أن فِيهِ إِقامةُ الإمام مَنْ يَنظُرُ عَلَى الْوَقْفِ نِيابَة عَنْهُ، والتَّشْرِيك بَيْنَ الاثْنَيْنِ فِي ذَلِكَ. (ومِنْها): أنه يُؤخَذ منه جَوَاز أكْثَرَ مِن الاثنين بِحَسَبِ المَصْلَحَة. (ومنها): أن فِيهِ جَوَاز الادِّخار، خِلافًا لقِولِ من أنْكَرهُ، مِنْ مُتشَدِّدِي المُتَزَهِّدِين، وأنَّ ذَلِك لا يُنَافِي التَّوكُّل. (ومنها): جَوَازُ اتِّخَاذِ العَقَارِ، واسْتِغْلال مَنْفَعَته، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَاز اتِّخَاذِ غَيْر ذَلِك، من الأمْوَالِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا النَّمَاءُ, والمَنْفَعةُ، مِنْ زِرَاعةٍ، وتِجَارَةٍ، وَغَيْر ذَلِكَ. (ومنها): أَنَّ الإمَامَ إِذَا قَامَ عِنْدهُ الدَّلِيلُ صَارَ إِلَيْهِ، وَقَضَى بِمُقْتَضَاهُ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلى أخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ.