(هَذِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَاصَّةً) منصوب على الحال، أي حال كونها مخصوصة به، لا يشاركه في استحقاقها غيره. وقوله (قُرًى عَرَبِيَّةً) يحتمل النصب على الحال، والرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هي قرى. وقوله: "عربيّة" هكذا عند المصنّف في "المجتبى"، و"الكبرى"، وهي نسبة إلى العرب. ووقع في هامش "الهندية" الإشارة إلى أن في بعض النسخ: "قرى عُرينة" بصيغة التصغير، وهو الذي في "سنن أبي داود"، ولعل قبيلة عُرينة تسكنها. وفي "عون المعبود": و"عُرينة" بالنون بعد الياء التحتانية، تصغير عرنة: موضع به قُرى، كأنه بنواحي الشام. كذا في "مراصد الاطّلاع" (?).
وقوله (فَدَكُ) خبر لمحذوف: أي هي فَدَكٌ بفتحتين، بلدة بينها وبين المدينة يومان، وبينها وبين خيبر دون مرحلة. قاله الفيّوميّ. وفي رواية أبي داود المذكورة: "قُرَى عُرينة، فدك، وكذا وكذا".
وقوله (كذا وكذا) وفي "الكبرى" بالواو في الموضعين، وهو إشارة إلى القرى الأخرى، كخيبر، وبني النضير، وقال ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7] هي قُريظة، والنضير، وهما بالمدينة، وفَدَك، وهي على ثلاثة أميال من المدينة، وخيبر،، وقُرى عُينة، وينبع (?).
(فـ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ}) هكذا في "المجتبى" بالفاء، وفي "الكبرى" بدونها، وهو الذي في أبي داود أيضًا، وهو الموافق للتلاوة ({عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7]، و {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8]) أي فلهم الحقّ في الفيء ({وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9]، أي فلهم الحق فيه أيضاً ({وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}) أي فلهم الحق فيه أيضاً (فَاسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الآيَةُ) يعني الآية الأخيرة، أي مع ما تقدّمها من الآيات، أو المراد بالآية الآيات الأربع كلّها، وإنما أفردها، باعتبار جنس الآية. والله أعلم (النَّاسَ) أي جميع المسلمين (فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ، أَوْ) للشكّ من الراوي (قال) ولفظ أبي داود: "قال أيوب"، فتبين أن الشكّ من أيوب السختياني الراوي عن الزهري (حَظٌّ) مكان قوله: "حقّ" (إِلاَّ بَعْضَ مَنْ تَمْلِكُونَ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ) بنصب "بعض" على الاستثناء، و"الأرقّاء" بفتح الهمزة جميع رقيق، أي إلا بعض عبيدكم، فإنه لا حق لهم في هذا الفيء, لأنهم تحت سيّدهم، وفي ملكم.
ثم إن تقييده ببعض، يقتضي أن بعضهم له حقّ، قال ابن الأثير رحمه الله تعالى: