شرح الحديث
(عَنْ الأَوْزَاعِيِّ) أنه (قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) الخليفة الراشد (إِلَى عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ) الظاهر أنه ولد الوليد بن عبد الملك بن مروان. ولم أجد ترجمته (كِتابًا فِيهِ) أي في ذلك الكتاب (وَقَسْمُ أَبِيكَ لَكَ الْخُمُسُ كُلُّهُ) الظاهر أن "قسم" مبتدأٌ، مضاف إلى "أبيك"، وخبره قوله: "لك": أي وَحَظُّ أبيك كائن لك، وقوله: "الخمس كلّه" خبر لمحذوف: أي وهو الخمس كله، والظاهر أنه أراد توبيخه على أخذه الخمس كلّه، راضيا بفعل أبيه، مع أنه يتعلّق به حقوق غيره، كما بيّنه في قوله: "وفيه حقّ اللَّه الخ". وقال السنديّ: قوله: "وقسم أبيك" هكذا في نسختنا "أبيك" بالياء، والظاهر أن الجملة فعليةٌ، فالأظهر "أبوك" بالواو، إلا أن يُجعل "أُبَيَّكَ" تصغير "أَبٍ"، إما لأن المقام يُناسب التحقير، أو لأن اسم "الوليد" يُنبىء عن الصغر، فصغّره لذلك.
ويحتمل أن يكون "قسم" بفتح، فسكون، مصدر "قَسَمَ"، مبتدأ، والخبر مقدّرٌ، أي "غير مستقيم"، أو"غير لائق"، أو نحو ذلك، أو "الخمس كلّه"، على أن القسم بمعنى المقسوم. انتهى كلام السنديّ -رحمه اللَّه تعالى- (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لا حاجة لجعله جملة فعليّة؛ لأنه تكلّف لا يُساعده تركيب الجملة، وإنما الأقرب عندي أن يكون جملة اسميّة، على الوجه الذي قدّمته. واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: وقع في "الكبرى" بلفظ: "وقسم أباك لك الخ" فيحتمل أن يكون على لغة من يستعمل الأسماء الستّة بالألف مقصورة. واللَّه تعالى أعلم.
(وَإنَّمَا سَهْمُ أَبِيكَ، كَسَهْمِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِين) يعني أنه لا يستحقّ من الفيء أكثر من سهم رجل من المسلمين، فضلاً عن أن يستأثر بالخمس كلّه، ففيه ذمّه على أخذه ما لا يستحقّه؛ لأن الخمس قد بيّن اللَّه تعالى من يستحقّه في كتابه، حيث قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: 41]، هالى هذا المعنى أشار عمر بن عبد العزيز -رحمه اللَّه تعالى- بقوله (وفِيهِ) أي في الخمس الذي أخذه عبد الملك، واستأثر به (حَقُّ اللَّهِ) تعالى (وَحَقُّ الرَّسُولِ) - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - (وَذِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى، والْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبَيلِ) أي كما بيّنته الآية المذكورة (فَمَا) تعجّبية (أَكْثَرَ خُصَمَاءَ أَبِيكَ) هكذا نسخ "المجتبى" بلفظ "أبيك"، وهو الصواب، ووقع في "الكبرى": فما أكثر خصماء ابنك " بلفظ "ابنك"، وهو تصحيف. واللَّه تعالى أعلم (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) حيث منع