وقال القاضي عياض: رواه من لم يضبط "يضرب" بالإسكان، وهو إحالة للمعنى، والصواب ضمّ الباء، نهاهم عن التشبه بالكفّار، فتشبّهوا بهم في حالة قتل بعضهم بعضًا، ومُحاربة بعضهم لبعضٍ. وهذا أولى ما يتأوّل عليه الحديث. ويؤيّده ما رُوي (?) مما جرى بين الأنصار بمحاولة يهود، وتذكيرهم أيامهم، ودخولهم في الجاهليّة، حتى ثار بعضهم إلى بعض في السلاح، فنزلت: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ} الآية [آل عمران: 101]. أي تفعلون فعل الكفّار، أو نهاهم عن إظهار جحد ما أمرهم به، من تحريم دمائهم، وكفرهم في ذلك بقتالهم، لا بقولهم، واعتقادهم، أو أن يَتكفّروا في السلاح يقتل بعضهم بعضًا، أو عن كفر نعمة اللَّه بتأليف قلوبهم، وتودّدهم، وتراحمهم الذي به صلاحهم بأن رجعوا إلى ضدّ ذلك.

وعلى سكون الباء فإنها نهي عن الكفر مجرّدًا، ثم يجيء ضرب الرقاب جواب النهي، ومجازات الكفر، ومساق الخبر، ومفهومه يدلّ على النهي عن ضرب الرقاب، والنهي عفا قبله بسببه. وقال الخطّابيّ: معناه: لا يُكفّر بعضكم بعضًا، فتستحلّوا قتال بعضكم بعضًا.

انتهى كلام القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى- (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- 29/ 4127 و 4128 وفي "الكبرى" 29/ 3590 و3591 وأخرجه (خ) في "الأدب" 6166 و"الديات" 6868 و"الفتن" 7077 (م) في "الإيمان" 65 و 66 (د) في "السنّة 4686 (ق) في "الفتن" 3943 (أحمد) في "مسند المكثرين" 5553 و 5572 و 5775. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان تحريم دم المسلم.

(ومنها): أن فيه تحذير الأمّة من وقوع ما يحذر منه. (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015