كِرَاءِ الأَرْضِ, فَقَالَ رَافِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ عَمَّيَّ, وَكَانَا قَدْ شَهِدَا بَدْرًا, يُحَدِّثَانِ أَهْلَ الدَّارِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ, قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, أَنَّ الأَرْضَ تُكْرَى, ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ, أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا, لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ, فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلّهم رجال الصحيح، وتقدّموا.

والسند مسلسل برواية الأبناء، عن الآباء، وبالمصريين إلى عُقيل، فإنه وإن كان أيليًّا، إلا أنه نزل مصر، ومن فوقه مدنيّون، وفيه أحد الفقهاء السبعة، على بعض الأقوال، وهو سالم، وفيه ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - أحد العبادلة الأربعة، وأحد المكثرين السبعة، روى (2630) من الأحاديث. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "سمعت عمّيّ"، قد تقدّم أنه رواه عن عمّه، وفي بعض الروايات سماه ظُهيرًا، وفي بعضها يقول: "نهى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الخ"، ولا يذكرهما, ولا أحدهما, ولا تنافي بين هذه الروايات، ولا اضطراب فيها, لأنه رواه عنهما، فكان أحيانًا يجمع بينهما، وأحيانا يُفرد أحدهما مبهمًا، وأحيانا يسمّيه ظُهيرًا، وأحيانًا يقول: "نهى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - "، فلا يذكرهما أصلاً؛ فيحمل على أنه سمعه أولاً من عمّيه، إما على الاجتماع، أو على الانفراد، ثم سمعه من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو سمعه منه - صلى اللَّه عليه وسلم - مجملًا، وسمع تفصيله منهما - كما يأتي تحقيقه في كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-- فكان يُحدِّث بهذا، وبهذا، ولذلك أخرج الحديث الشيخان بالوجهين.

ومما يؤيّد ذلك أنه سيأتي في رواية المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- تصريح رافع بسماعه من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - برقم 3942 - حيث قال له ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -: أسمعت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض؟ قال: سمعت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "لا تُكروا الأرض"، وبرقم 3945 - حيث قال ابن عمر: حتى أخبرنا ابن خديج أنه سمع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عن الْخِبْر.

وقال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في "الفتح": وقد استظهر البخاريّ لحديث رافع - رضي اللَّه عنه - بحديث جابر، وأبي هريرة - رضي اللَّه عنهما - (?) رادًّا على من زعم أن حديث رافع - رضي اللَّه عنه - فردٌ، وأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015