(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-2/ 3933 و 3923 و 3924 - وفي "الكبرى" 1/ 4623 و 4624 و 4625. وأخرجه (خ) في "الحرث والمزارعة" 2346 و 2347 (م) في "البيوع" 3922 (د) في "البيوع والإجارات" 3395 و 3396 (ق) في "الرهون" 2465. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله (أَيُّوبُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ يَعْلَى) يعني أن أيوب السختيانيّ لم يسمع هذا الحديث من يعلي بن حكيم، وإنما أخذه عنه مكاتبة، وليس غرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا تضعيف الحديث، بل غرضه بيان كيفيّة أخذ أيوب عن يعلي بن حكيم، وإنما بيّن ذلك؛ للاختلاف بين العلماء في جواز المكاتبة بالحديث، والصحيح صحّتها
وصورة الكتابة: أن يكتب الشيخ مسموعه لحاضر، أو غائب بخطّه، أو يأمر من يكتب له، وهي ضربان:
[إحداهما]: مقرونة بالإجازة، كان يقول: أجزتك ما كتبت لك، أو نحوه من العبارة، وهذه في الصحّة والقوّة، كالمناولة المقرونة بالإجازة.
[الثانية]: مجرّدة عن الإجازة، وهذه منع الرواية بها قوم، منهم: القاضي أبو الحسن الماورديّ الشافعيّ في الحاوي، والآمديّ، وابن القطّان. وأجازها كثيرون من المتقدّمين، والمتأخّرين، منهم: أيوب السختياني، ومنصور، والليث، وابن سعد، وابن أبي سَبْرة، وغير واحد من الشافعيّة، وأصحاب الأصول، وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث، ويوجد في مصنّفاتهم كثيرًا: كتَبَ إليّ فلان، قال: حدّثنا فلانٌ، والمراد به هذا، وهو معمول به عندهم، معدود في الموصول من الحديث، دون المنقطع؛ لإشعاره بمعنى الإجازة، بل قال السمعانيّ: هي أقوى من الإجازة. قال الحافظ السيوطيّ: وهو المختار، بل وأقوى من أكثر صور المناولة، وفي "صحيح البخاريّ" في "الأيمان والنذور" وكتب إنّي محمد بن بشّار ... وليس فيه بالمكاتبة عن شيوخه غيره، وفيه، وفي "صحيح مسلم" أحاديث كثيرة بالمكاتبة في أثناء السند.
وقال البيهقيّ في "المدخل": ما معناه: في هذا الباب آثار كثيرة عن التابعين، فمن بعدهم، وكُتُبُ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -إلى عُمّاله بالأحكام شاهدة لقولهم (?).
والحاصل أن المكاتبة بالحديث من الطرق الصحيحة المتّصلة، تجوز الرواية, والعمل بها. واللَّه تعالى أعلم.