فيقوّي التأويل الأول. أفاده في "الفتح" (?).

("لَأَنْ يَمْنَح) بفتح اللام؛ لأنها لام ابتداء، و"يمنح" بفتح النون، وكسرها: أي يُعطي، قال الفيّوميّ: الْمِنْحَةُ بالكسر في الأصل: الشاة، أو الناقة، يُعطيها صاحبها رجلاً، يشرب لبنها، ثم يردّها إذا انقطع اللبن، ثم كثُر استعماله حتى أُطلق على كلّ عطاء، ومَنَحْتُهُ مَنْحًا، من بأبي نفع، وضرب: أعطيتُهُ، والاسم الْمَنِيحَةُ. انتهى.

والمؤوّل بالمصدر مبتدأ، خبره قوله: "خير"، فهو نظير قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] (أَحَدُكُم أَخَاهُ أَرْضَهُ) "أخاه" مفعول أول لـ "يمنح"، و"أرضه" مفعوله الثاني (خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجًا) بفتح الخاء المعجمة: أي أجرة، قال الفيّوميّ: الْخَرَاج، والْخَرَاجُ: ما يَحصُلُ من غلّة الأرض، ولذا أطلق على الجزية. انتهى (مَعْلُومًا) يعني أن إعطاءه الأرض لأخيه، لينتفع بها بدون عِوَضٍ أعظم أجرًا عند اللَّه تعالى من أخذه أجرًا معلومًا عليها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المر جع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-2/ 3900 - وفي "الكبرى" 14600. وأخرجه (خ) في "المزارعة" 2330 و 2342 و"الهبة" 2634 (م) في "البيوع" 1550 (د) في البيوع" 3389 (ت) في "الأحكام"1385 (ق) في "الأحكام" 2456 و 2457 و 2462 و 2464 (أحمد) في "مسند بني هاشم" 2088. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): جواز المزارعة، لقول ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -، كما في رواية الشيخين: "إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يَنْهَ عنه"، أي لم يحرّمه، كما صرّح الترمذيّ به في روايته. (ومنها): استحباب المواساة بمنح الأرض لمن لا يجدها بدون عوض؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لأن يمنح أحدكم أخا له أرضه الخ". (ومنها): أنه يدلّ على أن طاوسًا يرى ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما - أعلم من رافع بن خَدِيج - رضي اللَّه عنه -، وهو كذلك، فإنه كان يلقّب بالحبر والبحر؛ لسعة علمه بسبب دعوة النبيّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015