- صلى اللَّه عليه وسلم -، بقوله: "اللهم فقّهه في الدين، وعلمه التأويل"، كما رواه أحمد في "مسنده"، وقد بُين سببُ ذلك فيما رواه الشيخان عن ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -، قال: إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أتى الخلاء، فوضعت له وَضُوءا، فلما خرج، قال: "من وضع هذا؟ "، قالوا: ابن عبّاس، قال: "اللَّهم فقهه في الدين". وفي رواية ابن ماجه في "سننه": قال: ضمّني رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إليه، وقال: "اللهم علّمه الحكمة، وتأويل الكتاب". (ومنها): ما كان عليه السلف من التباحث في المسائل الفقهيّة، واحتجاج بعضهم على بعض؛ إرادة التوصّل إلى ظهور الحقّ، لا لحبّ المحمدة، والتعالي على الأقران. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وقول: (وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى عَطَاءٍ فِي هَذَا الْحَدِيث) يعني أن الرواة اختلفوا على عطاء ابن أبي رباح في روايته لهذا الحديث (فَقَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ) العامريّ الزرّاد (عَنْ عَطَاء) بن أبي رباح (عَنْ رَافِعٍ) بن خديج - رضي اللَّه عنه - (وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ) أي في الرواية التي قبل هذه الرواية (وَقالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبيِ سُلَيْمَانَ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ جَابِرٍ) يعني أن عبد الملك بن أبي سليمان خالف عبد الملك بن ميسرة الزّرّاد في هذا الحديث، فقال: عن عطاء، عن جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنهما -، فجعله من مسند جابر - رضي اللَّه عنه - مخالفا له في جعله من مسند رافع بن خديج - رضي اللَّه عنه -، كما بين ذلك بما ساقه بقوله:

3901 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ, عَنْ عَطَاءٍ, عَنْ جَابِرٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ, فَلْيَزْرَعْهَا, فَإِنْ عَجَزَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ الْمُسْلِمَ, وَلاَ يُزْرِعْهَا إِيَّاهُ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "إسماعيل بن مسعود": هو الْجَحْدَريّ، أبو مسعود البصريّ الثقة، من أفراد المصنّف. و"عبد الملك": هو ابن أبي سليمان ميسرة الْعَرْزَميّ الكوفيّ، صدوقٌ، له أوهام [5] 7/ 406. واتّفق اسم أبيه مع اسم والد عبد الملك الزّرّاد المتقدِّم، لكن والد هذا مشهور بكنيته، بخلاف والد ذاك، فإنه لم يشتهر بكنية. و"عطاء": هو ابن أبي رباح. و" جابر": هو ابن عبد اللَّه بن عمرو بن حَرَام الأنصاريّ السُّلَميّ الصحابيّ ابن الصحابيّ - رضي اللَّه عنهما -.

وقوله: "فليزرعها" بفتح حرف المضارعة، أي ليزرعها بنفسه، لا بأجير يستأجره لزراعتها. وقوله: "ولا يُزرِعها" بضمّ حرف المضارعة، والمراد بالأخ الأخوّة الدينية، سواء كان معها نسبٌ، أم لا، أي لا يعطها أخاه مزارعة بالأجرة، وهذا النهي كما تقدّم محمول على التنزيه، إن كان بالثلث، والربع، أو بأجرة معلومة، وإن كان بشروط فاسدة، كأن يستثني صاحب الأرض بعضًا مما يخرج لنفسه، أو يدفعه بما على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015