بالنصف، أو الثلث، أو الربع إنما هو لما كانوا يُلحقون به من الشروط الفاسدة، فقصر بعض الرواة بذكرها، وقد ذكرها بعضهم، والنهي يتعلّق بها دون غيرها. انتهى المقصود من كلام البيهقيّ -رحمه اللَّه تعالى- (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد أجاد البيهقيّ -رحمه اللَّه تعالى-، وأفاد في كلامه المذكور.

والحاصل أن المزارعة جائزة، إلا ما كان فيها العوض مجهولاً، أو دخلت فيه الشروط الفاسدة، على ما فُصّل آنفًا.

فبهذا تتفق السنن المأثورة عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وتتآلف، ويزول عنها الاضطراب المتوهّم، والاختلاف الذي يظهر في بادئ الرأي، ويظهر أن لكلّ منها وجهًا صحيحًا، ومَرَدًّا مَليحًا، وأن ما نهى عنه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - غير ما أباحه وفعله، وفعله أيضًا خلفاؤه الراشدون، وصحابته الأكرمون، - رضي اللَّه عنهم -، وهذا هو الواجب، والواقع في نفس الأمر، وللَّه الحمد، والمنّة، وله الفضل والنعمة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

3891 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ مَنْصُورٍ, سَمِعْتُ مُجَاهِدًا, يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ, قَالَ: أَتَانَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ, فَقَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا, وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - خَيْرٌ لَكُمْ, نَهَاكُمْ عَنِ الْحَقْلِ, وَقَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَمْنَحْهَا, أَوْ لِيَدَعْهَا» , وَنَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ, وَالْمُزَابَنَةُ الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْمَالُ الْعَظِيمُ مِنَ النَّخْلِ, فَيَجِيءُ الرَّجُلُ, فَيَأْخُذُهَا بِكَذَا وَكَذَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد": هو ابن جعفر المعروف بغندر.

وقوله: "أمر كان لنا نافعًا الخ". [فإن قيل]: كيف قال هذا الصحابيّ - رضي اللَّه عنه - "نهانا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن أمر كان لنا نافعًا"، وهو من أعلم الناس أن الشارع لا ينهى عن المنافع، وإنما ينهى عن المضارّ، والمفاسد؟.

[قلت]: نعم أنه لا ينهى عن المنافع، وإنما ينهى عن المضارّ، إلا أن هذه المنافع، إنما منشؤها ظنهم فقط، وليست واقعة في نفس الأمر،، فإنهم ظنّوا أن قد كان لهم في ذلك المنهي عنه منفعة لهم حيث إنهم أصحاب الأراضي، والشروط ملائمة لهم، فإن الأرضى غالبًا إنما تخرج الزرع أكثر في مكان الماء، وأقبال الجداول وهذا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015