الحنفيّ. فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم.

(إِلَّا وَالِدْ مِنْ وَلَدِهِ) أي فإنه يجوز له أن يرجع، وهذا نصّ صريح في الردّ على القائلين بعدم جواز رجوع الوالد فيما وهبه لولده، فقول السنديّ: من لا يرى له الرجوع يحمله على أنه يجوز للوالد أن يأخذه عنه، ويصرفه في نفقته، عند الحاجة، كسائر أمواله أنْ غير صحيح، أيضًا، فإنه نصر لمذهب الحنفيّة، وتأويل للحديث الصحيح بتأويل غير مقبول. واللَّه تعالى أعلم.

(وَالْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ) أي العائد في هبته إلى الموهوب، وهو كقوله تعالى: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: 88] (كَالعَائِدِ فِي قَيئِهِ) أي كالكلب الذي يأكل حتى يشبع، ثم يقيء، فيعود لأكل قيئه.

قال السنديّ: قيل: هو تحريم للرجوع. وقيل: تقبيحٌ، وتشنيع له؛ لأنه شبّه بكلب يعود في قيئه، وعود الكلب في قيئه لا يوصف بحرمة. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: بل الأرجح أنه للتحريم، كما سيأتي تحقيقه، في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنهما - هذا صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، أخرجه هنا-2/ 3716 - وفي "الكبرى" 2/ 6516. وأخرجه (أحمد) في "مسند المكثرين" 6666. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في فوئده

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز رجوع الوالد فيما يُعطي لولده، وفيه اختلاف بين العلماء، سنحقّقه في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): تحريم الرجوع في الهبة، وفيه أيضًا اختلاف بين العلماء، سيأتي تحقيقه أيضًا. (ومنها): جواز التمثيل بالشيء المستقبح؛ مبالغة في التنفير عن المنهيّ عنه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم رجوع الوالد فيما أعطى ولده: ذهب مالك، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وإسحاق، وأبي ثور، وهو ظاهر مذهب أحمد إلى أن للوالد الرجوع فيما وهب لولده.

وذهب أصحاب الرأي، والثوريّ، وهي رواية عن أحمد إلى أنه ليس له الرجوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015