أن يبيت زمانًا ما، وقد سامحناه في الليلتين والثلاث، فلا ينبغي له أن يتجاوز ذلك.
وقال القرطبيّ: المقصود بذكر الليلتين، أو الثلاث التقريب، وتقليل مدّة ترك كَتْب الوصيّة، ولذلك لما سمعه ابن عمر لم يبت ليلة إلا بعد أن كتب وصيّة، والحزم المبادرة إلى كتبها أوّلَ أوقات الإمكان؛ لإمكان بغتة الموت التي لا يأمنها العاقل ساعة. ويحتمل أن يكون إنما خصّ الليلتين بالذكر فسحة لمن يحتاج إلى أن ينظر فيما له، وما عليه، فيتحقّق بذلك، وُيرَوَّى فيها ما يوصى به، ولمن يوصي إلى غير ذلك. انتهى (?).
(إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ) جملة حالية مستثناة من أعمّ الأحوال، أي ليس حقّه البيتوتة في حال من الأحوال، إلا في حال كون الوصيّة مكتوبة عنده. والكتابة أعمّ من أن تكون بخطّه، أو بخطّ غيره. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 1/ 3642 و 3643 و 3644 و 3645 و 3646 - وفي "الكبرى" 1/ 6442 و 6443 و 6444 و 6445 و 6446. وأخرجه (خ) في "الوصايا" 2738 (م) في "الوصية" 1627 (د) في "الوصايا" 2862 (ت) في "الجنائز" 974 و"الوصايا" 2128 (ق) في "الوصايا" 2699 (أحمد) في "مسند المكثرين" 4455 و 4564 و 4884 و 5097 و 5175 (الموطأ) في "الأقضية" 1492 و"الوصايا" 3175 (الدارمي) في "الوصايا" 3046. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان كراهة تأخير الوصيّة.
(ومنها): الحضّ على الوصيّة، ومطلقها يتناول الصحيح، لكن السلف خصّوها بالمريض، وإنما لم يقيّد به في الخبر؛ لاطراد العادة به. (ومنها): أنه يُستفاد منه أن الأشياء المهمّة ينبغي أن تضبط بالكتابة؛ لأنها أثبت من الضبط بالحفظ؛ لأنه يخون غالبًا. (ومنها): أنه استُدلّ بقوله: "مكتوبةٌ عنده" على جواز الاعتماد على الكتابة