أخرجه النسائيّ من هذا الوجه، ولم يَسُق لفظه (?). قال أبو عمر: لم يُتابع ابن عون على هذه اللفظة. قال الحافظ: إن عني عن نافع بلفظها، فمسلّمٌ، ولكن المعنى يمكن أن يكون متّحدًا، كما سيأتي. وإن عني عن ابن عمر، فمردود؛ لما سيأتي قريبًا ذكر من رواه عن ابن عمر أيضًا بهذا اللفظ. قال ابن عبد البرّ: قوله: "له مالٌ" أولى عندي من قول من روى "له شيء"؛ لأن الشيء يُطلق على القليل والكثير، بخلاف المال. قال الحافظ: كذا قال، وهي دعوى لا دليل عليها، وعلى تسليمها، فرواية "شيء" أشمل؛ لأنها تعمّ ما يُتموّل، وما لا يُتموّل، كالمختصّات. واللَّه أعلم.
وقال أبو العبّاس القرطبيّ: قوله: "له شيء يوصي فيه" عامّ في الأموال، والبنين الصغار، والحقوق التي له، وعليه كلها، من ديون، وكفّارات، وزكوات فرّط فيها، فإذا وصّى بذلك أخرجت الديون من رأس المال، والكفّارات، والزكوات من ثلثه، على تفصيل يُعرف في الفقه. انتهى (?).
(أَنْ يَبِيتَ) في تأويل المصدر خبر "ما حقُّ". ومتعلّق "يبيت" محذوف، تقديره: آمنًا، أو ذاكرًا. وقدّره ابن التين: موعوكًا، والأول أولى؛ لأن استحباب الوصيّة لا يختصّ بالمريض، نعم قال العلماء: لا يُندب أن يكتب جميع الأشياء المحقّرة، ولا ما جرت العادة بالخروج منه، والوفاء له عن قرب. واللَّه تعالى أعلم.
((لَيْلَتَيْنِ) كذا لأكثر الرواة، ولأبي عوانة، والبيهقيّ من طريق حمّاد بن زيد، عن أيوب: "يبيت ليلةً أو ليلتين"، ولمسلم، والنسائيّ (?) من طريق الزهريّ، عن سالم، عن أبيه: "يبيت ثلاث ليال".
وكأنّ ذكر الليلتين، والثلاث لرفع الحرج لتزاحم أشغال المرء التي يحتاج إلى ذكرها، ففسح له هذا القدر؛ ليتذكّر ما يحتاج إليه، واختلاف الروايات فيه دالّ على أنه للتقريب، لا للتحدي، والمعنى: لا يمضي عليه زمان، وإن كان قليلاً، إلا ووصيّته مكتوبة. وفيه إشارة إلى اغتفار الزمن اليسير، وكأن الثلاث غاية للتأخير، ولذلك قال ابن عمر في رواية سالم عند مسلم: "لم أَبِتْ ليلةً منذ سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول ذلك، إلا ووصيتي عندي". وسيأتي بنحوه للمصنّف برقم 3645.
قال الطيبيّ: في تخصيص الليلتين والثلاث بالذكر تسامح في إرادة المبالغة، أي لا ينبغي