مسجدًا، فدلّ على أن صحّة الوقف لا تختصّ بالمسجد، ووجه أخذه من حديث الباب أن الذين قالوا: "لا نطلب ثمنه إلا إلى اللَّه"، كأنهم تصدّقوا بالأرض المذكورة، فتمّ انعقاد الوقف قبل البناء، فيؤخذ منه أن من وقف أرضًا على أن يبنيها مسجدًا انعقد الوقف قبل البناء. قال الحافظ: ولا يخفى تكلّفه. انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
3633 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ, عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ عَمْرِو بْنِ جَاوَانَ, رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ, وَذَاكَ أَنِّي قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ اعْتِزَالَ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ مَا كَانَ؟ , قَالَ: سَمِعْتُ الأَحْنَفَ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ, وَأَنَا حَاجٌّ, فَبَيْنَا نَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا, نَضَعُ رِحَالَنَا, إِذْ أَتَى آتٍ, فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ, فَاطَّلَعْتُ فَإِذَا -يَعْنِي النَّاسَ- مُجْتَمِعُونَ, وَإِذَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ نَفَرٌ قُعُودٌ, فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ, وَالزُّبَيْرُ, وَطَلْحَةُ, وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ, رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ (?) , فَلَمَّا قُمْتُ عَلَيْهِمْ, قِيلَ: هَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ, قَدْ جَاءَ, قَالَ: فَجَاءَ وَعَلَيْهِ مُلَيَّةٌ صَفْرَاءُ, فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: كَمَا أَنْتَ, حَتَّى أَنْظُرَ مَا جَاءَ بِهِ؟ , فَقَالَ عُثْمَانُ: أَهَا هُنَا عَلِيٌّ؟ , أَهَاهُنَا الزُّبَيْرُ؟ , أَهَاهُنَا طَلْحَةُ؟ , أَهَاهُنَا سَعْدٌ؟ , قَالُوا: نَعَمْ,
قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ, أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ يَبْتَاعُ مِرْبَدَ بَنِي فُلاَنٍ, غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» , فَابْتَعْتُهُ, فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقُلْتُ: إِنِّي ابْتَعْتُ مِرْبَدَ بَنِي فُلاَنٍ, قَالَ: «فَاجْعَلْهُ فِي مَسْجِدِنَا, وَأَجْرُهُ لَكَ» , قَالُوا: نَعَمْ, قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ, هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ, غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» , فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقُلْتُ: قَدِ ابْتَعْتُ بِئْرَ رُومَةَ, قَالَ: «فَاجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ, وَأَجْرُهَا لَكَ»؟ , قَالُوا: نَعَمْ, قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ, هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ يُجَهِّزْ (?) جَيْشَ الْعُسْرَةِ, غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» , فَجَهَّزْتُهُمْ, حَتَّى مَا يَفْقِدُونَ عِقَالاً, وَلاَ خِطَامًا؟ , قَالُوا: نَعَمْ, قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدِ, اللَّهُمَّ اشْهَدِ, اللَّهُمَّ اشْهَدْ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث تقدّم للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في "الجهاد" -44/ 3183 - "فضل من جهّز غازيًا" ومضى شرحه، وبيان مسائله هناك.
و"عمر بن جاوان" ويقال: عمرو، كما هو في نسخة، مقبول [6] 44/ 3183.