وقوله: "اعتزال الأحنف بن قيس ما كان؟ " أي بأي سبب اعتزل عن عليّ ومعاوية جميعًا. ولعل حاصل الجواب أنه ترك الناس تعظيمًا لقتل عثمان، وخوفًا على نفسه الوقوع في مثله، ورأى أن الناس قد يجتمعون على باطل، كقتلة عثمان - رضي اللَّه تعالى - عنه. واللَّه تعالى أعلم. قاله السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-.
وقوله: "مُليّة" بمضم الميم تصغير ملاءة: وهي الإزار، أو الريطة.
وقوله: "كما أنت" أي كن على الحال التي أنت عليها، حتى أستخبر الخبر، فآتيك به.
وقوله: "من يبتاع" أي من يشتري. وقوله: "مِربد"بكسر الميم، وفتح الباء الموحّدة: موضع تجفيف التمر.
وقوله: "بئر رومة" بضمّ الراء: اسم بئر بالمدينة.
والحديث صحيحٌ، ومحلّ استدلال المصنّف على الترجمة منه قوله: "فاجعله في مسجدنا" فإن المراد به جعله وقفًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3634 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ, قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَاوَانَ (?) , عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ, قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا, فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ, وَنَحْنُ نُرِيدُ الْحَجَّ, فَبَيْنَا نَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا, نَضَعُ رِحَالَنَا, إِذْ أَتَانَا آتٍ, فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ, وَفَزِعُوا, فَانْطَلَقْنَا, فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى نَفَرٍ, فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ, وَإِذَا عَلِيٌّ, وَالزُّبَيْرُ, وَطَلْحَةُ, وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ, فَإِنَّا لَكَذَلِكَ, إِذْ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ, عَلَيْهِ مُلاَءَةٌ صَفْرَاءُ, قَدْ قَنَّعَ بِهَا رَأْسَهُ, فَقَالَ: أَهَاهُنَا عَلِيٌّ؟ أَهَا هُنَا طَلْحَةُ؟ أَهَاهُنَا الزُّبَيْرُ؟ , أَهَاهُنَا سَعْدٌ؟ , قَالُوا: نَعَمْ, قَالَ: فَإِنِّي أَنْشُدُكُمْ (?) بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ, أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ يَبْتَاعُ مِرْبَدَ بَنِي فُلاَنٍ, غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» , فَابْتَعْتُهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا, أَوْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا, فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَأَخْبَرْتُهُ, فَقَالَ: «اجْعَلْهَا فِي مَسْجِدِنَا, وَأَجْرُهُ لَكَ» , قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ, قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ, أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ يَبْتَاعُ بِئْرَ رُومَةَ, غَفَرَ اللَّهُ لَهُ» , فَابْتَعْتُهُ بِكَذَا وَكَذَا, فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقُلْتُ: قَدِ ابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا, قَالَ: «اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ, وَأَجْرُهَا لَكَ» , قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ, قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ, أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ, فَقَالَ: «مَنْ جَهَّزَ