عن ابن معين: كانوا يكرهونه. قال الساجيّ: حدّثنا الربيع، سمعت الشافعيّ يقول: كان سعيد القدّاح يفتي بمكة، ويذهب إلى رأي أهل العراق. قال الساجيّ: ضعيف. وقال العقيليّ: كان يغلو في الإرجاء. وقال الصريفينيّ: مات قبل المائتين. تفرّد به المصنّف، وأبو داود، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط، وعند أبي داود حديث واحد.
وقوله: "ثَمْغ" بفتح المثلّثة، وسكون الميم، آخره غين معجمة: أرض بالمدينة.
وقوله: "سَبِّلْ ثمرتها" أمر من التسبيل، يقال: سَبّلتُ الثمرة -بالتشديد-: جعلتُها في سُبُل الخير، وأنواع البرّ. قاله الفيّوميّ.
والحديث صحيح بشواهده، فقد تقدّم له في الباب الماضي شواهد، وبيّنّاها هناك.
وأستدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- به على ما ترجم له واضح، حيث إن تلك الأرض كانت مشاعة، كما تقدّم تحقيقه قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".
...
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يعني وقف الأرض لأجل بناء المساجد فيها، وبهذا المعنى ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-، في "صحيحه"، حيث قال: "باب وقف الأرض للمسجد"، ثم أورد حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه -، من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أبي التَّيَّاح، قال: حدثني أنس بن مالك - رضي اللَّه عنه -، لَمّا قَدِم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - المدينة، أمر ببناء المسجد، وقال: يا بني النجار، ثامنوني بحائطكم هذا"، قالوا: لا واللَّه لا نطلب ثمنه إلا إلى اللَّه.
قال في "الفتح": لم يختلف العلماء في مشروعيّة ذلك، لا من أنكر الوقف، ولا من نفاه، إلا أن في الجزء المشاع احتمالاً لبعض الشافعيّة، قال ابن الرفعة: يظهر أن وقف المشاع فيما لا يمكن الانتفاع به لا يصحّ، وجزم ابن الصلاح بالصحّة حتى يحرُمُ على الجنب المكث فيه، ونوزع في ذلك. قال الزين ابن الْمُنَيِّر: لعلّ البخاريّ أراد الردّ على من خصّ جواز الوقف بالمسجد، وكأنه قال: قد نفذ وقف الأرض المذكورة أن تكون