[تنبيه]: وقع في نسخ "المجتبى" غلطٌ في هذا السند، حيث زاد "عن عمر"، فجعله من مسند عمر - رضي اللَّه عنه -، كسابقه، والصواب أنه من مسند ابن عمر، كما هو في "الكبرى"، ومن الغريب أن المحقّق زاد فيه آخذًا من "المجتبى" لفظ "عن عمر"، فغيّر الصواب إلى الخطإ، إن هذا لهو العجب العجاب من بعض محققي عصرنا.
وهذا الذي ذكرت أنه الصواب هو الذي في "تحفة الأشراف"، حيث أورد هذا الحديث في مسند ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، فراجعه -6/ 109 - 110.
وقوله: "أصبت أرضًا الخ" قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: يعني أنه صارت له هذه الأرض بالقسمة، فإن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قسم أرض خيبر التي افتُتحت عنوةً، كما قرّرنا في "الجهاد". والمال النفيس: المغتَبَطُ به لجودته، ويُسمّى هذا المال ثَمْغ. ولما كان هذا المال أطيب أموال عمر - رضي اللَّه عنه -، وأحبّها إليه أراد أن يتصدّق به؛ لينال البرّ الذي ذكره اللَّه تعالى في قوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]. وهذا كما قال الأنصاريّ (?) صاحب بيرحاء، فأرشده النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى الأصلح في الصدقة، وهو التحبيس، من حيث إن صدقته جاريةٌ، وأجره دائمٌ في الحياة، وبعد الموت، كما قال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له". رواه مسلم. انتهى (?).
وقوله: "فكيف تأمر به؟ " قال القرطبيّ: استشارةٌ من عمر - رضي اللَّه عنه -، مع حسن أدب، ولذلك أجابه - صلى اللَّه عليه وسلم - بقوله: "إن شئت حبّست أصلها، وتصدّقت بها"، أي بثمرها، كما قال في الرواية الأخرى. وليس هذا أمرًا من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - له، ولا حكما عليه بالتحبيس، وإنما هي إشارة إلى الأصلح والأولى. انتهى (?).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد سبق تمام البحث فيه قريبًا، وللَّه الحمد والمنّة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
3627 - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ, عَنِ ابْنِ عَوْنٍ, قَالَ: وَأَنْبَأَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ, فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَاسْتَأْمَرَهُ (?) فِيهَا, فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا كَثِيرًا, لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ, فَمَا تَأْمُرُ فِيهَا؟ , قَالَ: «إِنْ شِئْتَ