قرابة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، المذكورين في الخمس والفيء، وفيه بُعد؛ لأنه أطلق على ذلك الحبس صدقة، وهم قد حُرموا الصدقة، إلا إن تنزّلنا على أن الذي حُرموه هي الصدقة الواجبة فقط، والرافع لهذا الاحتمال الوقوف على ما صنع في صدقة عمر - رضي اللَّه عنه -، فينبغي أن يُبحث عن ذلك، والأولى حمله على قرابة عمر - رضي اللَّه عنه - الخاضة به. واللَّه أعلم انتهى (?).

وأما "الضيف" فمعروف، وهو من يَنزل بقوم يُريد القِرَى منهم (لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا، أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ) قال القرطبيّ: هذا رفعٌ للحرج عن الوالي عليها، والعامل في تلك الصدقة في الأكل منها، على ما جرت به عادة العمال في الحيطان من أكلهم من ثمرها حالة عملهم فيها، فإن المنع من ذلك نادرٌ، وامتناع العامل من ذلك أندر، حتى لو اشترط ربّ الحائط على العامل فيه أن لا يأكل لا استُقبح ذلك عادة وشرعًا، وعلى ذلك فيكون المراد بالمعروف القدر الذي يدفع الحاجة، ويردّ الشهوة، غير أكل بسرف، ولا نهمة، ولا متّخذًا خيانةً، ولا خُبْنة (?).

وقيل: مراد عمر - رضي اللَّه عنه - بذلك أن يأكل العامل منها بقدر عمله، وفيه بُعْدْ؛ لأنه لا يصحّ ذلك حتى يُتأول "يأكل" بمعنى "يأخذ"؛ لأن العامل إنما يأخذ أجرته، فيتصرّف فيها بما شاء من بيع، أو أكل، أو غير ذلك، و"أكل" بمعنى "أخذ" على خلاف الأصل؛ ولأن مساق اللفظ لا يُشعر بقصدٍ إلى أن تلك الإباحة إنما هي بحسب العمل، وبقدره، فتأمله، لا سيّما وقد أردف عليه "ويطعم صديقًا، غير متأثّل مالاً". يعني صديقًا للوالي عليها, وللعامل فيها. ويحتمل صديقًا للمحبّس، وفيه بُعْدٌ انتهى (?).

(غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالاً) أي غير متخذ إياه مالاً لنفسه، بل يأكله، ويُطعمه بالمعروف. وفي الرواية: "غير متموّل فيه"، أي غير متّجر فيه. قال في "الفتح": والمعنى غير متّخذ منها مالاً، أي ملكّا، والمراد أنه لا يتملّك شيئًا من رقابها.

قال: وزاد الأنصاريّ، وسليم قال: فحدّثت به ابن سيرين، فقال: "غير متأثّل مالاً"، والقائل "فحدّثت به" هو ابن عون راويه عن نافع، بين ذلك الدارقطنيّ من طريق أبي أسامة، عن ابن عون، قال: ذكرت حديث نافع لابن سيرين، فذكره. زاد سليم: قال ابن عون: وأنبأني من قرأ هذا الكتاب أن فيه "غير متأثّل مالاً". وفي رواية الترمذيّ من طريق ابن عليّة، عن ابن عون: "حدّثني رجلٌ أنه قرأها في قطعة أديم أحمر"، قال ابن عليّة: وأنا قرأتها عند ابن عُبيد اللَّه بن عمر كذلك. وقد أخرج أبو داود صفة كتاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015