عندي نفيسٌ، فأردت أن أتصدّق به". وفي رواية سفيان الآتية: "وإني أردت أن أتقرّب بها إلى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، وقد تقدّم قريبًا في مسند أبى بكر بن حزم أنه رأى في المنام الأمر بذلك. ووقع في رواية للدارقطنيّ، إسنادها ضعيفٌ: "أن عمر قال: يا رسول اللَّه، إني نذرت أن أتصدّق بمالي". وهذا -كما قال الحافظ- لم يثبت، وإنما كان صدقة تطوّع، كما سيأتي توضيحه من حكايته كتابة الوقف قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى.
زاد في الرواية التالية: "فكيف تأمرني به؟ ". وفي رواية: "فما تأمرني فيها؟ ". وفي رواية: "فأتى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يستأمره في ذلك".
(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (إنْ شِئْتَ) الأجر، والمثوبة عند اللَّه سبحانه وتعالى (تَصَدَّقْتَ بِهَا) وفي رواية الآتية: "إن شئت حبست أصلها، وتصدّقت بها"، وفي رواية: "احبس أصلها، وسبّل ثمرتها" (فَتَصَدَّقَ بِهَا، عَلَى أَنَّ لَا تُبَاعَ، وَلَا تُوهَبَ) زاد في الرواية الآتية: "ولا تورث"، وزاد في رواية مسلم: "ولا تُبتاع"، وزاد الدارقطنيّ من طريق عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع،: "حَبِيسٌ ما دامت السماوات والأرض".
قال في "الفتح": كذا لأكثر الرواة عن نافع، ولم يختلفوا فيه عن ابن عون، إلا ما وقع عند الطحاويّ، من طريق سعيد بن سفيان الجحدريّ، عن ابن عون، فذكره بلفظ صخر بن جويرية الآتي، والجحدريّ إنما رواه عن صخر، لا عن ابن عون. قال السبكيّ: اغتبطتُ بما وقع في رواية يحيى بن سعيد، عن نافع، عند البيهقيّ: "تصدّقْ بثمره، وحبسن أصله، لا يباع، ولا يورث". وهذا ظاهره أن الشرط من كلام النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، بخلاف بقية الروايات، فإن الشرط فيها ظاهره أنه من كلام عمر - رضي اللَّه عنه -. ووقع في رواية صخر بن جويرية المذكررة، بلفظ: "فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: تصدّق بأصله، لا يُباع، ولا يوهب، ولا يورث، ولكن يُنفق بثمره"، وهي أتمّ الروايات، وأصرحها في المقصود، فعزوجها إلى البخاريّ أولى. وقد علقه البخاريّ في المزارعة بلفظ: "قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لعمر: تَصَدَّق بأصله، لا يباع، ولا يوهب، ولكن ليُنفق ثمره، فتَصَدَّق به"، فهذا صريح في كونه مرفوعًا، وعلى تقدير كون الشرط من قول عمر، لكنه ما فعله إلا لما فهمه من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، حيث قال له: "احبس أصلها، وسَبَّّّّّّلْ ثمرتها".
وقوله: تصدّقْ" بصيغة أمر، وقوله: "فتصدّق" بصيغة الفعل الماضي انتهى.
(فِي الْفُقَرَاءِ، وَذِي الْقُرْبىَ، وَالرِّقَابِ، وَالضَّيْفِ، وَابْنِ السَّبِيلِ) زاد في رواية يزيد بن زريع الآتية: "وفي سبيل اللَّه"، وفي رواية أزهر السمان: "وفي المساكين". وجميع هؤلاء الأصناف إلا الضيف، هم المذكورون في آية الزكاة، وقد تقدّم بيانهم في "كتاب الزكاة". وأما "القربى" فقال القرطبيّ: فظاهره أنه أراد به قرابته. ويحتمل أن يريد به