({فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} أي مقدار أصغر نملة (خَيْرًا) منصوب على التمييز لـ"ذرّة" (يَرَهُ) أي في الآخر؛ ليجازى عليه خَيْرًا ({وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}) أي ليجازى عليه شرًا؛ إذ الجزاء من جنس العمل. وأنشدوا في معنى الآية [من الخفيف]:
إِنَّ مَنْ يَعْتَدِي وَيَكْسِبُ إِثْمًا ... وَزْنَ مِثْقَالِ ذَرَّةِ سَيَرَاهُ
وَيُجَازَى بِفِعْلِهِ الشَّرِّ شَرًّا ... وَبِفِعْلِ الْجَمِيلِ أَيْضًا جَزَاهُ
هَكَذَا قَوْلُهُ تَبَارَكَ رَبِّي ... فِي {إِذَا زُلْزِلَتِ} وَجَلَّ ثَنَاهُ (?)
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهوالمستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-1/ 3589 و3590 و11/ 3609 - وفي "الكبرى" 1/ 4402 و 4403 و 11/ 4423. أخرجه (خ) في "المساقاة" 2371 و"الجهاد والسير" 2853 (م) في "الزكاة" 987 (ت) في "فضائل الجهاد" 1636 (ق) في "الجهاد" 2788 (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" 7509 و 8649 و 8754 (الموطأ) في "الجهاد" 975. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان فضل الخيل. (ومنها): بيان أن الخيل إنما يكون في نواصيها الخير والبركة، إذا كان اتخاذها في الطاعة، أو في الأمور المباحة، وإلا فهي مذمومة. (ومنها): أن فيه تحقيق إثبات العمل بظواهر العموم، وأنها ملزمة، حتى يدلّ دليل التخصيص. (ومنها): أن فيه إشارة إلى الفرق بين الحكم الخاصّ المنصوص، والعامّ الظاهر، وأن الظاهر دون المنصوص في الدلالة، ومحلّ بحث هذه المسألة فنّ أصول الفقه.
(ومنها): أن ابن بطال قال: فيه تعليم الاستنباط والقياس؛ لأنه شبّه ما لم يذكر اللَّه حكمه في كتابه، وهو الحمر، بما ذكره من عمل مثقال ذرّة من خير أو شرّ، إذ كان معناهما واحدًا، قال: وهذا نفس القياس الذي ينكره من لا فهم عنه.