الحقّ، لا يضرّهم من خذلهم، حتى يأتي أمر اللَّه، وهم كذلك". أخرجه مسلم.
[ومنها]: حديث جابر - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "لا تزال طائفة من أمتي، يقاتلون على الحقّ، ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزلُ عيسى بن مريم - عليه السلام -، فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أميرٌ، تكرمةَ اللَّه لهذه الأمّة". أخرجه مسلم.
[ومنها]: حديث عمران بن حصين - رضي اللَّه تعالى عنهما -، مرفوعًا: "لا تزال طائفة من أمتي، يقاتلون على الحقّ، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجّال". أخرجه أحمد، وأبو داود، وصححه الحاكم.
[ومنها]: حديث عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على الحقّ، لا يضرّهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة، وهم على ذلك". أخرجه مسلم.
[ومنها]: حديثه أيضًا مرفوعًا: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر اللَّه، قاهرين لعدوّهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تاتيهم الساعة، هم على ذلك". أخرجه مسلم. وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة في هذا المعنى. واللَّه تعالى أعلم.
(ومن فوائد الحديث أيضًا): أن فيه علمًا من أعلام النبوّة، حيث إنه - صلى اللَّه عليه وسلم - حدّث بما سيكون بعده في أمته، من قتال بعضهم بعضًا. (ومنها): ما قال عياض: في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الخيل معقود في نواصيها الخير" مع وجيز لفظه من البلاغة، والعذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن، مع الجناس السهل الذي بين الخيل والخير. (ومنها): أن فيه تفضيل الخيل على غيرها من الدوابّ؛ لأنه لم يأت عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - في شيء غيرها مثل هذا القول. قاله ابن عبد البرّ. وسيأتي للمصنّف -2/ 3591 - حديث أنس - رضي اللَّه عنه -: "لم يكن شيء أحبّ إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بعد النساء من الخيل". (ومنها): أن فيه إشارة إلى أن المال الذي يُكتسب باتخاذ الخيل من خير وجوه الأموال، وأطيبها، والعرب تسمّي المال خيرًا. كما قيل في قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ}. قاله الخطّابيّ. (ومنها): أن الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- استدلّ في "صحيحه" بقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الخيل مقعود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة" أن الجهاد ماضٍ مع البرّ والفاجر. وقد سبقه إلى هذا الاستدلال الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى-، ووجه ذلك أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسّره بالأجر والمغنم، والمغنمُ المقترنُ بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيّد ذلك بما إذا كان الإمام عادلًا، فدلّ على أن لا فرق في حصول هذا الفضل بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل، أو الجائر. أفاده في "الفتح" (?).