لـ "مقبوض"، و"ملبث" اسم مفعول من لبّثه غيره، أو من لبّثه بالتشديد، أي غير مؤخّر في الدنيا، بل أنتقل للدار الآخرة (وَأَنْتُمْ تَتَّبِعُونِي) أي تكونون بعدي، فإن التابع يكون بعد المتبوع، أو تلحقون بي بالموت (أَفْنَادًا) -بفتح الهمزة- جمع فِنْد -بكسر الفاء، وسكون النون، بعدها دال مهملة- كحِمْل وأحمال. قال ابن الأثير: أي جماعات متفرقين، قومًا بعد قوم، واحدهم فِنْدٌ. والفِنْد: الطائفة من الليل. ويقال: هو فِنْدٌ على
حدة: أي فِئَةٌ. انتهى (?).
(يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) جملة في محلّ نصب لـ "أفنادًا" (وعُقْرُ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ) قال ابن الأثير: بضم العين، وفتحها: أي أصلها، وموضعها، كأنه أشار إلى وقت الفتن، أي تكون الشام يومئذ أمنًا منها، وأهل الإسلام بها أسلم انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث سلمة بن نُفيل - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-1/ 3588 - وفي "الكبرى" 1/ 4401. وأخرجه (الدارمي) في "المقدّمة" 55. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان فضل الخيل. (ومنها): أن الجهاد قائم إلى قيام الساعة، والمراد قربها، وهو وقت مجيئ العلامات "الكبرى" كما مرّ بيانه آنفًا، ففيه بشرى ببقاء الإسلام، وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين، وهم المسلمون.
وقد وردت أحاديث كثيرة بمعناه:
[فمنها]: حديث المغيرة - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر اللَّه، وهم ظاهرون". متّفق عليه.
[ومنها]: "حديث معاوية - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر اللَّه، لا يضرّهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر اللَّه، وهم ظاهرون على الناس". [ومنها]: حديث ثوبان - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "لا تزال طائفة من أمتي، ظاهرين على