(إِحْدَى السُّنَنِ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ) بضمّ أوله، مبنيًّا للمفعول (فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا) ببناء الفعل للمفعول أيضًا. وفي رواية الأسود عن عائشة الآتية في الباب التالي: "فدعاها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فخيرها من زوجها، قال: لو أعطاني كذا وكذا ما أقمتُ عنده، فاختارت نفسها". وفي رواية عند البخاريّ: "فخُيّرت بين أن تبقى تحت زوجها، أو تُفارقه". و"تقرّ" بفتح القاف، وتشديد الراء: أي تدوم. وفي رواية للدارقطنيّ من طريق أبان بن صالح، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لبريرة: "اذهبي فقد عَتَقَ بُضْعُك".
(وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ") هذه هي السنّة الثانية. وفي الرواية التالية: "فإنما الولاء لمن أعتق"، ويُستفاد منه أن كلمة "إنما" تفيد الحصر، وإلا لما لزم من إثبات الولاء للمعتق نفيه عن غيره، وهو أريد من الخبر، ويؤخذ منه أنه لا ولاء للإنسان على أحد بغير العتق، فينتفي من أسلم على يد أحد، وأنه لا ولاء للملتقط؛ خلافًا لإسحاق، ولا لمن حالف إنسانًا، خلافًا لطائفة من السلف، وبه قال أبو حنيفة. ويؤخذ من عمومه أن الحربيّ لو أَعتق عبدًا، ثم أسلما أنه يستمرّ ولاؤه، وبه قال الشافعيّ، وقال ابن عبد البرّ: إنه قياس قول مالك، ووافق على ذلك أبو يوسف، وخالف أصحابه، فإنهم قالوا: العتيق في هذه الصورة له أن يتولّى من يشاء (?).
(وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) زاد في رواية البخاريّ: "بيت عائشة" (وَالْبُرْمَةُ) الواو للحال، وهو بضمّ الموحّدة، وسكون الراء: القِدْرُ، جمعه بُرَم، مثلُ غرفة وغُرَف، وبِرَام، ككِتاب (تَفُورُ بِلَحْمٍ) وهو لحم شاة؛ لرواية عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "تُصُدّق على مولاتي بشاة من الَصدقة ... "، فما وقع في بعض الشروح أنه كان لحم بقر فيه نظر؛ لأن أولى ما يفسّر به المبهم ما وقع في الروايات الأخرى. أفاده في "الفتح" (فَقُرِّبَ) بالبناء للمفعول (إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ من أُدُمِ الْبَيْتِ) الأول بضمّ، فسكون، مفرد، ويجمع على اَدام، كقُفْل وأقفال، والثاني بضمّتين، جمع إدام، ككتاب وكُتُب، ويجوز تسكين داله للتخفيف: وهو ما يُؤتدم به مائعًا كان، أو جامدًا.
وقال السنديّ: في "المجمع": "الأُدْمُ" ككُتْبٍ في كُتُبٍ. فظاهره أنه بالضمّتين جمع، نعم يجوز السكون في كلّ ما كان بضمّتين، وعلى هذا فالظاهر أن الأول بضمّ، فسكون