يقل: هبها لي، ولقولها هي: "وهبت نفسي لك"، وسكت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك، فدلّ على جوازه له خاصّةً، مع قوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.

(ومنها): جواز انعقاد نكاحه - صلى اللَّه عليه وسلم - بلفظ الهبة، دون غيره من الأمّة، وهو أحد الوجهين للشافعيّة، والآخر لا بدّ من لفظ النكاح، أو التزويج. وسيأتي تمام البحث فيه في -41/ 3281 - "باب الكلام الذي ينعقد به النكاح".

(ومنها): أن الهبة لا تتمّ إلا بالقبول؛ لأنها لما قالت: "وهبت نفسي لك"، ولم يقل: قبِلتُ لم يتمّ مقصودها، ولو قبلها لصارت زوجًا له، ولذلك لم يُنكر على القائل: "زوّجنيها".

(ومنها): جواز الحلف بغير استحلاف للتأكيد، لكنه يُكره لغير ضرورة.

(ومنها): أن النكاح لا بدّ فيه من الصداق؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هل عندك من شيء تُصْدِقها؟ ". وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجًا وُهِب له، دون الرقبة بغير صداق.

(ومنها): أن الأولى أن يذكر الصداق في العقد؛ لأنه أقطع للنزاع، وأنفع للمرأة، فلو عقد بغير ذكر صداق صحّ، ووجب لها مهر المثل بالدخول على الصحيح، وقيل: بالعقد. ووجه كونه أنفع لها أنه يثبت لها نصف المسمّى أن لو طُلّقت قبل الدخول.

(ومنها): استحباب تعجيل تسليم المهر.

(ومنها): استدلّ به على جواز اتخاذ الخاتم من الحديد. وسيأتي البحث فيه في موضعه من "كتاب الزينة" -49/ 5206 - إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): ما قيل: إنه يدلّ على وجوب تعجيل الصداق قبل الدخول؛ إذ لو ساغ تأخيره لسأله هل يقدر على تحصيل ما يُمهرها بعد أن يدخل عليها، ويتقرّر ذلك في ذمّته. ويمكن الانفصال عن ذلك بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أشار بالأولى. والحامل على هذا التأويل ثبوت جواز نكاح المفوّضة، وثبوت جواز النكاح على مسمّى في الذّمّة. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أن إصداق ما يُتموّل يُخرجه عن يد مالكه، حتى إن من أصدق جارية مثلاً حَرُم عليه وطؤها، وكذا استخدامها بغير إذن من أصدقها، وأن صحّة المبيع (?) تتوقف على صحّة تسليمه، فلا يصحّ ما تعذّر إما حسًّا، كالطير في الهواء، وإما شرعًا كالمرهون، وكذا الذي لو زال إزاره لانكشفت عورته. كذا قال عياض. قال الحافظ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015