وفيه نظر.

(ومنها): أن من رغب في تزويج من هو أعلى منه قدرًا لا لوم عليه؛ لأنه بصدد أن يجاب، إلا إن كان مما تقطع العادة بردّه، كالسوقيّ يخطب من السلطان بنته، أو أخته، وأن من رغبت في تزويج من هو أعلى منها لا عار عليها أصلاً، ولا سيّما إن كان هناك غرض صحيحٌ، أو قصد صالح، إما لفضل دينيّ في المخطوب، أو لِهَوًى فيه يخشى من السكوت عنه الوقوع في محذور.

(ومنها): أنه استدلّ به على صحة قول من جعل عتق الأمة عوضًا عن بضعها. كذا ذكره الخطابيّ، ولفظه أن من أعتق أمة، كان له أن يتزوّجها، ويجعل عتقها عوضًا عن بضعها. قال الحافظ: وفي أخذه من هذا الحديث بُعد.

(ومنها): أن سكوت من عقد عليها، وهي ساكتة لازم إذا لم يمنع من كلامها خوف، أو حياء، أو غيرها.

(ومنها): أنه لا يشترط في صحة العقد تقدّم الخطبة، إذ لم يقع في شيء من طرق هذا الحديث وقوع حمد، ولا تشهّد، ولا غيرهما من أركان الخطبة. وخالف في ذلك الظاهريّة، فجعلوها واجبة، ووافقهم من الشافعيّة أبو عوانة، فترجم في "صحيحه" "باب وجوب الخطبة عند العقد". وسيأتي تحقيقه في موضعه، إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): أن الكفاءة في الحرّيّة، وفي الدين، وفي النسب، لا في المال؛ لأن الرجل لا شيء له، وقد رضيت به. كذا قال ابن بطّال. قال الحافظ: وما أدري من أين له أن المرأة كانت ذات مال. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الصحيح أنه لا يشترط اعتبار النسب في الكفاءة، كما سيأتي تحقيقه في موضعه، إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): أن طالب الحاجة لا ينبغي له أن يُلحّ في طلبها، بل يطلبها برفق، وتأنّ، ويدخل في ذلك طالب الدنيا والدين، من مستفتٍ، وسائلِ، وباحثٍ عن علم.

(ومنها): أن الفقير يجوز له أن يتزوّج من علمت بحاله، ورضيت به، إذا كان واجدًا للمهر، وكان عاجزًا عن غيره من الحقوق؛ لأن المراجعة وقعت في وجدان المهر وفقده، لا في قدر زائد. قاله الباجيّ. وتُعُقّب باحتمال أن يكون النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - اطلع من حال الرجل على أنه يقدر على اكتساب قوته، وقوت امرأته، ولا سيّما مع ما كان عليه أهل ذلك العصر من قلّة الشيء، والقناعة باليسير. هكذا ذكر في "الفتح" (1).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما قاله الباجيّ هو ظاهر الحديث، فلا وجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015