فيحتمل أن تكون رواية ابن جريج صحيحة، ويكون ذلك في آخر أمره، حيث آوى الجميع، فكان يَقسم لجميعهنّ إلا لصفيّة.
قال الحافظ: قد أخرج ابن سعد من ثلاثة طرق أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يقسم لصفيّة، كما يَقسم لنسائه. لكن في الأسانيد الثلاثة الواقديّ، وليس بحجّة، وقد تعصّب مغلطاي للواقديّ، فنقل كلام من قوّاه، ووثّقه، وسكت عن ذكر من وهّاه، واتّهمه، وهم أكثر عدذا، وأشدّ إتقانًا، وأقوى معرفةً به من الأولين، ومن جملة ما قوّاه به أن الشافعيّ روى عنه، وقد أسند البيهقيّ عن الشافعيّ أنه كذّبه. ولا يقال: فكيف روى عنه؟؛ لأنا نقول: رواية العدل ليست بمجرّدها توثيقًا، فقد روى أبو حنيفة عن جابر الْجُعفيّ، وثبت عنه أنه قال: ما رأيت أكذب منه.
فيترجّح أن مراد ابن عبّاس بالتي لا يَقسم لها سودة، كما قاله الطحاويّ؛ لحديث عائشة: "أن سودة وهبت يومها لعائشة، وكان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها، ويوم سودة"، كما سيأتي.
لكن يحتمل أن يقال: لا يلزم من أنه كان لا يبيت عند سودة أن لا يقسم لها، بل كان يقسم لها، لكن يبيت عند عائشة لما وقع من تلك الهبة. نعم يجوز نفي القسم عنها مجازًا.
قال الحافظ: والراجح عندي ما ثبت في "الصحيح"، ولعلّ البخاريّ حذف هذه الزيادة عمدًا.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وهي أيضًا محذوفة في رواية المصنّف. واللَّه تعالى أعلم.
قال: وقد وقع عند مسلم أيضًا فيه زيادة أخرى من رواية عبد الرزّاق، عن ابن جريج، قال عطاء: كانت آخرهنّ موتًا، ماتت بالمدينة.
كذا قال، فأما كونها آخرهن موتًا، فقد وافق عليه ابن سعد وغيره، قالوا: وكانت وفاتها سنة إحدى وستين، وخالفهم آخرون، فقالوا: ماتت سنة ستّ وخمسين. ويعكر عليه أن أم سلمة عاشت إلى قتل الحسين بن عليّ، وكان قتله يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. وقيل: بل ماتت أم سلمة سنة تسع وخمسين، والأول أرجح. ويحتمل أن تكونا ماتتا في سنة واحدة، لكن تأخّرت ميمونة. وقد قيل أيضًا: إنها ماتت سنة ثلاث وستّين. وقيل: سنة ستّ وستّين. وعلى هذا لا ترديد في آخريّتها في ذلك.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ترجيح الحافظ هنا يخالف ترجيحه في "تهذيب التهذيب"، و"التقريب"، حيث قال: وتوفيت سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثلاث