وتزوّجها بسرف، سنة سبع من الهجرة، وماتت بها، ودُفنت سنة (51) على الصحيح (زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) بالجرّ بدل من "ميمونة" (بِسَرِفَ) -بفتح المهملة، وكسر الراء، بعدها فاء-: مكان معروف بظاهر مكة، تقدّم بيانه في "كتاب الحجّ".
وأخرج ابن سعد بإسناد صحيح عن يزيد بن الأصمّ، قال: "دفنّا ميمونة بسرف، في الظلّة التي بنى بها فيها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -). ومن وجه آخر عن يزيد بن الأصمّ، قال: "صلّى عليها ابن عبّاس، ونزل في قبرها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعبيد اللَّه الْخَوْلانيّ، ويزيد بن الأصمّ". أما عبد الرحمن، فهي خالة أبيه، وأما عُبيد اللَّه الخولانيّ، فكان في حجرها، وأما يزيد بن الأصمّ، فهي خالته، كما هي خالة لابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهم -. أفاده في "الفتح" (?).
(فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (هَذِهِ مَيْمُونَةُ، إِذَا رَفَعْتُمْ جَنَازَتَها) تقدّم قريبًا ضبطه، وفي "عشرة النساء": "فإذا رفعتم نَعْشها" -بعين مهملة، وشين معجمة-: السرير الذي يوضع عليه الميت (فَلَا تُزَعْزِعُوهَا) -بزايين معجمتين، وعينين مهملتين- والزعزعة تحريك الشي الذي يُرفَع. والضمير للجنازة، أي لا تحرّكوا جنازتها؛ احترامًا لهَا، وتوقيرًا. وقوله (وَلَا تُزَلْزِلُوهَا) الزلزلة الاضطراب، فيكون مؤكّدًا لـ "تُزَعزعُوها"، وزاد في "عشرة النساء": "وارفُقُوا"، وفيه إشارة إلى أن مراده السير الوسط المعتدل (فَإنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كانَ مَعَهُ تِسْعُ نِسْوَةِ) أي عند موته، وهنّ سودة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وأم حبيبة، وجُويرية، وصفيّة، وميمونة، هذا ترتيب تزويج - صلى اللَّه عليه وسلم - إياهنّ - رضي اللَّه تعالى عنهنّ -، ومات، وهنّ في عصمته، واختُلف في رَيحانة، هل كانت زوجة، أو سُرّيّةً، وهل ماتت قبله، أم لا؟. وسيأتي تمام البحث فيهنّ في المسائل إن شاء اللَّه تعالى (فَكَانَ يَقْسِمُ) بفتح أوّله، من باب ضرب (لِثَمَانٍ) أي ومن جملتهنّ ميمونة - رضي اللَّه تعالى عنها -، فينبغي لكم أن تَعرِفوا فضلها، وتُراعوه (وَوَاحِدَةٌ لَم يَكُنْ يَقْسِمُ لَهَا) زاد مسلم في روايته: "قال عطاء: التي لا يَقسم لها صفيّة بنت حُييّ بن أخطب". قال عياض: قال الطحاويّ: هذا وَهَمٌ، وصوابه سودة، كما يأتي أنها وهبت يومها لعائشة، وإنما غلط فيه ابن جريج، راويه عن عطاء، كذا قال. قال عياض: قد ذكروا في قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] أنه آوى عائشة، وحفصة، وزينب، وأم سلمة، فكان يستوفي لهنّ الْقَسْمَ، وأرجأ سودة، وجويرية، وأم حبيبة، وميمونة، وصفيّة، فكان يَقسم لهنّ ما شاء. قال: