مسعود - رضي اللَّه عنه - أنه صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة كل واحد منهما بأذان وإقامة، ذكره العينيّ في "شرح البخاريّ" (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأرجح عندي قول من قال: إنه يجمع بينهما بأذان واحد، وإقامة لكلّ واحدة منهما؛ لحديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - الطويل بذلك، وهو مرفوع صريح في ذلك، وما عداه، إما موقوف، كحديث عمر، وابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أو قابل للتأويل، كحديث أسامة، وابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهم -، وقد تقدّم تحقيق ذلك في "كتاب الصلاة" برقم -20/ 660 - فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

وقوله: "ولم يسبّح بينهما" أي لم يتنفّل بين الصلاتين. وقوله: "ولا على إثر واحدة منهما" أي ولا عقب كلّ واحدة من الصلاتين، لا عقب الأولى، ولا عقب الثانية، وهذا تأكيد بالنظر إلى الأولى، وتأسيس بالنظر إلى الثانية.

قال في "الفتح": ويستفاد منه أنه ترك التنفّل عقب المغرب، وعقب العشاء، ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرّح بأنه لم يتنفّل بينهما، بخلاف العشاء، فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه لم يتنفّل عقبها، لكنه تنفّل بعد ذلك في أثناء الليل، ومن ثمّ قال الفقهاء: تؤخّر سنة العشاء عنهما، ونقل ابن المنذر الإجماع على ترك التطوّع بين الصلاتين بالمزدلفة؛ لأنهم اتفقوا على أن السنّة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفّل بينهما لم يصحّ أنه جمع بينهما انتهى.

قال الحافظ: ويعكر على نقل الاتفاق فعل ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - الآتي في الباب التالي. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أشار به إلى ما أخرجه البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-، من طريق أبي إسحاق، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، يقول: حجّ عبد اللَّه - رضي اللَّه عنه -، فأتينا المزدلفة، حين الأذان بالعتمة، أو قريبًا من ذلك، فأمر رجلا، فأذن، وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه، فتعشى، ثم أمر -أرى- فأذن، وأقام، قال عمرو: لا أعلم الشكّ إلا من زهير، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر، قال إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كان لا يصلي هذه الساعة، إلا هذه الصلاة، في هذا المكان، من هذا اليوم، قال عبد اللَّه: هما صلاتان تحُوَّلان عن وقتهما: صلاة المغرب، بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يفعله انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015