قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "قِفُوا على مشاعركم، فإنكم على إرث، من إرث أبيكم إبراهيم" (?).
(ومنها): الاصطلاح على حال يتحقّق بها الرفق لعامّتهم، وخاصّتهم، كنزول منى، والمبيت بمزدلفة، فإنه لو لم يُصطَلَح على مثل هذا لشقّ عليهم، ولو لم يسجّل عليه، لم تجتمع كلمتهم عليه مع كثرتهم، وانتشارهم.
(ومنها): الأعمال التي تُعلِنُ بأن صاحبها موحّد، تابعٌ للحقّ، متديّنٌ بالملّة الحنيفيّة، شاكرٌ للَّه تعالى على ما أنعم على أوائل هذه الملّة، كالسعي بين الصفا والمروة.
(ومنها): أن أهل الجاهليّة كانوا يحجّون، وكان الحجّ أصل دينهم، ولكنّهم خلطوا أعمالًا ما هي مأثورة عن إبراهيم - عليه السلام -، وإنما هي اختلاقٌ منهم، وفيها إشراك لغير اللَّه باللَّه تعالى، كتعظيم إساف، ونائلة، وكالإهلال لمناة الطاغية، وكقولهم في التلبية: لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه، وما ملك، ومن حقّ هذه الأعمال أن يُنهى عنها، ويؤكّد ذلك، وأعمالًا انتحلوها، فخرًا، وعجبًا، كقول الحُمْس: نحن قُطّان بيت اللَّه، فلا نخرج من حرم اللَّه، فنزل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} الآية [البقرة: 199].
(ومنها): أنهم ابتدعوا قياسات فاسدة، هي من باب التعمّق في الدين، وفيها حرجٌ للناس، ومن حقّها أن تُنسخ، وتُهجَر، كقولهم: يجتنب المحرم دخول البيوت من أبوابها، وكانوا يتسوّرون من ظهورها، ظنًّا منهم أن الدخول من الباب ارتفاق ينافي هيئة الإحرام، فنزل قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} الآية [البقرة: 189]، وككراهيتهم التجارة في موسم الحجّ، ظنًّا منهم أنها تُخِلّ بإخلاص العمل للَّه تعالى، فنزل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} الآية [البقرة: 198]، وكاستحبابهم أن يحجّوا بلا زاد، ويقولون: نحن المتوكّلون، وكانوا يضيّقون على الناس، ويعتدون، فنزل قوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} الآية [البقرة: 197] انتهى كلام وليّ اللَّه ببعض تصرّف (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".
...