قال العلاّمة ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: الحجّ أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام، والأصل في وجوبه الكتاب، والسنّة، والإجماع، أما الكتاب، فقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]. رُوي عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: ومن كفر باعتقاده أنه غير واجب. وقال اللَّه تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الآية [البقرة: 196]. وأما السنّة فقول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "بُنِي الإسلام على خمس ... " وذكر منها الحجّ. ثم أورد حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى - عنه المذكور في الباب. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "المفهم": وأجمع المسلمون على وجوب الحجّ في الجملة، وأنه مرّة في العمر، ولوجوبه شروطٌ، وهي العقل، والبلوغ، والاستطاعة، على ما يأتي تفصيلها، وهذه الشروط هي المتّفق عليها، فأما الإسلام، فقد اختلف العلماء فيه، هل هو من شروط الوجوب، أو من شروط الأداء، وأما الحرّية، فالجمهور على اشتراطها في الوجوب، وفيها خلاف انتهى (?).
وقال في "الفتح": وجوب الحجّ معلوم من الدين بالضرورة، وأجمعوا على أنه لا يتكرّر، إلا لعارض، كالنذر انتهى (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
2619 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ - وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ- قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - النَّاسَ, فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-, قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ» , فَقَالَ رَجُلٌ: فِي كُلِّ عَامٍ؟ , فَسَكَتَ عَنْهُ, حَتَّى أَعَادَهُ ثَلاَثًا, فَقَالَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ, لَوَجَبَتْ, وَلَوْ وَجَبَتْ, مَا قُمْتُمْ بِهَا, ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ, فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ, وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ, فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالشَّيْءِ, فَخُذُوا بِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ, وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ, فَاجْتَنِبُوهُ»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (محمد بن عبد اللَّه بن المبارك الْمُخَرِّمِيُّ) أبو جعفر البغدادي، ثقة حافظ [11]