كذلك، فليس بمضطرّ إلى الميتة، ولا إلى لحم الخنزير. وله أن يقاتل عن ذلك. انتهى المقصود من كلام ابن حزم بتصرّف، وهو كلام حسنٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم.
وكتب العلاّمة أحمد محمد شاكر -رحمه اللَّه تعالى- تحت كلام ابن حزم هذا: ما نصّه: مِن هذا، ومن أمثاله في الشريعة الإسلامية يرى المنصف أن التشريع الإسلاميّ في الذروة العليا من الحكمة والعدل، وليت إخواننا الذين غرّتهم القوانين الوضعيّة، وأُشرِبتها نفوسُهم يطّلعون على هذه الدقائق، ويتفقّهونها؛ ليروا أن دينهم جاءهم بأعلى أنواع التشريع في الأرض، تشريع يُشبع القلب والروح، ويطبّق في كلّ مكان، وكلّ زمان، و {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4]. ولو فقه المسلمون أحكام دينهم، ورجعوا إلى استنباطها من المنبع الصافي، والمورد العذب -الكتاب والسنّة- وعملوا بما يأمرهم به ربّهم في خاصّة أنفسهم، وفي أمورهم العامّة، وفي أحوال اجتماعهم، لو علموا هذا، لكانوا سادة الأمم.
وهل قامت الثورات المخرّبة الهادمة، والفتن المهلكة، إلا من ظلم الغنيّ للفقير، ومن استئثاره بخير الدنيا، وبجواره أخوه يموت جوعًا وعريًا، والْمُثُلُ كثيرة.
ولو فقه الأغنياء لعلموا أن أول ما يَحفَظ عليهم أموالهم إسداءُ المعروف للفقراء، بل القيام نحوهم بما أوجبه اللَّه على الأغنياء، فليفقهوا، وليعلموا، ويعملوا، فقد جاءتهم النذُر، هدانا اللَّه جميعًا انتهى كلام العلامة أحمد محمد شاكر -رحمه اللَّه تعالى-، وهو كلام نفيسٌ جدًّا، ينبغي الاهتمام بفهمه، والعناية بالعمل به، وتطبيق الأمة الإِسلاميّة له على أنفسها، وأموالها، حتى تكون لها العاقبة المحمودة، فمن تفقّه في دينه، وعمل بمقتضى علمه في أمر دينه ودنياه، فإنه من المتّقين، وقد قال اللَّه تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".
...
أي هذا كتاب تُذكر فيه الأحاديث المتعلقة ببيان مناسك الحجّ.
وفيه مسائل:
(المسألة الأولى): ترجم المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- هنا بـ "كتاب مناسك الحجّ"،