المنفق يستره اللَّه تعالى بنفقته، ويستر عورته في الدنيا والآخرة، كستر هذه الْجُنَّة لابسها، والبخيل كمن لبس جُبّة إلى ثدييه، فيبقى مكشوفًا، بادي العورة، مُفتَضَحًا في الدنيا والآخرة انتهى (?).

(وَاِذَا أَرَادَ الْبَخِيلُ أَنْ يُنْفِقَ، قَلَصَتْ) -بفتح القاف، واللام، والصاد المهملة-: أي انقبضت. يقال: قَلَصَت شَفَتُهُ تَقْلِصُ، من باب ضرب: انزَوَتْ، وتقلَّصَت مثله، وقَلَصَ الظلُّ: ارتفع، وقَلَصَ الثوبُ: انزوَى بعد غَسْلِهِ. قاله الفيّوميّ (وَلَزِمَتْ) وفي لفظ: "لَزِقَت" (كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا) يعني اشتدّت، والتصقت الحلقة بعضها ببعض. قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: حَلْقَةُ الباب بسكون اللام، من حديد وغيره، وحَلْقَةُ القوم الذين يجتمعون مستديرين، والْحَلْقَةَ السّلاحُ كلُّهُ بالسكون، والجمعُ حَلَقٌ بفتحتين، على غير قياس. وقال الأصمعيّ: والجمع حِلَقٌ بكسر، ففتح، مثلُ قَصْعَة وقِصَعٍ، وبَدْرَةٍ وبِدَرٍ. وحكى يونس عن أبي عمرو بن العلاء أنّ الحَلَقَة بفتحِ اللام لغة في السكون، وعلى هذا فالجمع بحذف الهاء قياسٌ، مثلُ قَصَبَة وقَصَبٍ. وجمَعَ ابنُ السّراج بينهما، وقال: فقالوا: حَلَقٌ بفتحتين، ثم خفَّفُوا الواحد حين ألحقوه الزيادة، وغُيِّرَ المعنى، قال: وهذا لفظ سيبويه انتهى كلام الفيّوميّ ببعض تصرّف (?).

وقال المجد اللغويّ: وحَلْقَةُ الباب، والقوم، وقد تُفتحُ لامهما، وتُكسرُ، أو ليس في الكلام حَلَقَةٌ، محرَّكَةً، إلا جَمْعَ حالق، أو لغةٌ ضعيفة، جمعه حَلَقٌ، محرَّكَةً، وكَبِدَرٍ، وحَلَقَاتٌ، محرَّكةً، وتكسر الحاء انتهى (?).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تحصّل من مجموع ما ذُكر أن "الْحَلْقَة" يجوز في حائه الفتح، والكسر، وفي لامه السكون، وهو الأفصح، والفتح، وهو قليل، وذكر في "تاج العروس" عن "العُباب" كسر اللام، قال: نقله الفراء، والأموي، وقالا: هي لغة لبلحرث بن كعب.

وأما جمعه فحَلَقٌ محرَّكةً، وحِلَق، بكسر، ففتح، وحَلَقَات، محرَّكةً، وتكسر حاؤه. واللَّه تعالى أعلمِ.

(حَتَّى إِذَا أَخَذتهُ بِتَرْقُوَتِهِ) تقدّم معناها قريبًا (أَوْ بِرَقَبَتِهِ) شكّ من الراوي، وجواب "إذا" محذوفٌ دلّ عليه ما بعده، تقديره: أخذ يوسّعها، فلا تتّسع. واللَّه تعالى أعلم.

(يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ) فيه التفات؛ لأنّ الظاهر أن يقول: "أنّي رأيت الخ"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015