أخوالك، كان أعظم لأجرك".

ففيه أنّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لم ينكر عليها ما فعلته، بل أرشدها إلى ما كان أولى من ذلك. (ومنها): قصّة عائشة - رضي اللَّه عنها -، حين أرادت أن تشتري بَرِيرة، وتُعتقها، فلما اشترط مواليها الولاء لهم، ذكرت ذلك للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: "خذيها، وأعتقيها، واشترطي لهم الولاء ... ". أخرجه الشيخان، وغيرهما، فقد أقرّها - صلى اللَّه عليه وسلم - على شرائها من دون استئذانه، وغير ذلك من النصوص الدالّة على أن المرأة كانت في عهده - صلى اللَّه عليه وسلم - تتصدّق، وتتبرّع من دون علم زوجها.

والحاصل أن حديث الباب محمولٌ على حسن العشرة، وتطييب قلب الزوج، لا على التحريم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(إِلَّا بِإِذنِ زَوْجِهَا) قال النوويّ: الإذن ضربان: أحدهما الإذن الصريح في النفقة، والصدقة. والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف، كإعطاء السائل كسرةً، ونحوها، مما جرت العادة به، واطراد العرف فيه، وعُلم رضا الزوج به، فإنه في ذلك حاصلٌ، وإن لم يتكلّم، وهذا إذا عُلم رضاه بالعرف، وعُلِم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك، والرضا به، فإن اضطرب العرف، وشُكّ في رضاه، أو عُلم شُحّه بذلك، لم يَجُز للمرأة، وغيرها التصدّق من ماله، إلا بصريح إذنه، قال: وهذا كلّه مفروضٌ في قدر يسيرٍ، يُعلم رضا المالك به في العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز انتهى (?).

وقوله (مُخْتَصَرٌ) أي هذا الحديث مختصرٌ من حديث طويل لعبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنهما -، وقد ساقه الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- بطوله في "مسنده"، فقال:

حدثنا يحيى، عن حسين، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: لَمَّا فُتِحَت مكةُ على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "كُفُّوا السلاحَ، إلا خزاعة، عن بني بكر"، فأذن لهم، حتى صلى العصر، ثم قال: "كفوا السلاحَ"، فلقي رجل من خزاعة، رجلا من بني بكر، من غد، بالمزدلفة، فقتله، فبلغ ذلك رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقام خطيبا، فقال، ورأيته، وهو مسند ظهره إلى الكعبة، قال: "إن أعدى الناس على اللَّه، مَنْ قتل في الحرم، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذُحُول (?) الجاهلية"، فقام إليه رجل، فقال: إن فلانا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015