لكفى، فالشرط عدم الإنكار، والإذعان للوجوب، لا التلفّظ بالإقرار انتهى (?).
وذكر ابن المقّن وجهًا ثالثًا، وهو أن يكون المراد مجموع ذلك، قال: وهو الظاهر (?).
وقال الحافظ: الذي يظهر أن المراد القدر المشترك بين الأمرين، فمن امتثل بالإقرار بالفعل كفاه، أو بهما فأولى، وقد وقع في رواية الفضل بن العلاء بعد ذكر الصلاة: "فإذا صلّوا"، وبعد ذكر الزكاة: "فإذا أقرّوا بذلك، فخذ منهم". انتهى (?).
وقال الصنعانيّ: ويظهر أن المراد: فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم فعل خمس صلوات في اليوم والليلة، لا أنه فَرَضَ الإقرار بوجوبها خمس مرّات كما عبّر في غيره بقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وتقيم الصلاة"، وإقامتها فعلها، فطاعتهم بفعلها، وهو المطلوب، لا مجرّد الإقرار، ولذا ضمّن أطاعوا انقادوا، وعدّاه باللام (?)، إذ الانقياد زيادة على مجرّد الطاعة، فالمطلوب منهم في الصلاة فعلها، وهو يتضمّن الإقرار بفرضيتها، واعتقاده ظاهرًا، وأما التلفّظ بالإقرار بالفرضيّة لها، فليس بمراد، ولا ورد طلب الشارع لذلك، إلا في الشهادتين، لا غير، فقول الشارح: ولو بادروا بالامتثال بالقول لكفى غير ظاهر، بل نقول: التلفّظ بالوجوب بها غير مطلوب منهم، ومثله يجري في الزكاة. وإنما قلنا ظاهراً لأنهم لو فعلوها غير معتقدين وجوبها، كصلاة المنافقين قبلنا ظاهر فعلهم، وأدخلناهم في حكم الإسلام، ووكلنا سرائرهم إلى اللَّه، كما تقرّر في غير هذا انتهى كلام الصنعانيّ (?). وهو حسن جدًّا. واللَّه تعالى أعلم.
(فَأَخْبِرْهُمْ، أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةِ) استُدلّ به على أن الوتر ليس بواجب، وكذا ركعتا الفجر، فإن بَعْثَ معاذ إلى اليمن قبل وفاة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -بقليل، بعد الأمر بالوتر، وركعتي الفجر. وقد قال بوجوب الوتر أبو حنيفة، دون صاحبيه، وبوجوب ركعتي الفجر الحسن البصريّ، وذلك مردود عليهما، وقد تقدّم تمام البحث في ذلك في موضعه، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.
(فَإِنْ هُمْ -يَعْنِي أَطَاعُوكَ بِذَلِكَ) ولفظ "الكبرى": "فإن يعني هم أطاعوا لك بذلك".