ولعلّ بعض الرواة شكّ، فزاد "يعني". وسيأتي في 46/ 2522 - من طريق وكيع، عن زكريا بن إسحاق بدونها (فأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً) زاد في رواية أبي عاصم، عن زكريا: "في أموالهم". وفي رواية الفضل بن العلاء: "افترض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيّهم، فتُردّ على فقيرهم" (تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ) استُدلّ به على أن الإمام هو الذي يتولّى قبض الزكاة، وصرفها، إما بنفسه، وإما بنائبه، فمن امتنع منها أُخذت منه قهرًا (فَتُرَدُّ) وفي نسخة: "وتردّ" بالواو (عَلَى فُقَرَائِهِمْ) استُدلّ به لقول مالك وغيره: إنه يكفي إخراج الزكاة في صنف واحد. قال الحافظ: وفيه بحث -كما قال ابن دقيق العيد- لاحتمال أن يكون ذكر الفقراء لكونهم الغالب في ذلك، وللمطابقة بينهم وبين الأغنياء انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول الأول هو الأظهر، فيقدّم على الاحتمال المذكور. واللَّه تعالى أعلم.

وقال الخطابيّ: وقد يَستَدِلّ به من لا يرى على المديون زكاة ما في يده إذا لم يفضل من الدين الذي عليه قدر نصاب، لأنه ليس بغنيّ، إذا كان إخراج ماله مستحقًا لغرمائه.

(فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ بِذَلِكَ) ولفظ "الكبرى": "فإن هم أطاعوا لك بذلك، (فَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ") وفي الرواية الآتية في -46/ 2522 - :"فإن هم أطاعوك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين اللَّه حجاب".

و"إياك" منصوب بفعل مضمر، لا يجوز إظهاره، والتقدير: باعد، واتق كرائم أموالهم، وهو من باب إياك والأسد، وأهلك والليل، وأشباه ذلك. قال ابن قتيبة: ولا يجوز: "إياك كرائم" بحذف الواو. قال ابن مالك في "خلاصته":

إِيَّاكَ وَالشَّرَّ وَنَحْوَهُ نَصَبْ ... مُحَذِّرٌ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ

والكرائم جمع كريمة، وهي جامعة الكمال الممكن في حقّها، من غزارة لبن، وكمال صورة، أو كثرة لحم، أو صوف، وهي النفائس التي تتعلّق بها نفس مالكها، أو يختصّها لنفسه، ويؤثرها، كالأكولة (?)، والرُّبّى، وهي التي تُربّي ولدها، أو الحديثة العهد بالنتاج، والماخض، وهي الحامل، وفحلِ الغنم، وحَزَرَاتِ المال (?) -بتقديم الزاي، وقيل: بتأخيرها- وهي التي تُحرَز بالعين، وتُرمَق لشرفها عند أهلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015