الأكل والشرب، ونحوهما، وابتداء الصوم.
و"الفَجْرُ" -أي بفتح الفاء، وسكون الجيم-: ضوء الصباح، وهو حمرة الشمس في سواد الليل، وهما فجران: أحدهما المستطيل، وهو الكاذب الذي يُسمّى ذَنَبَ السِّرْحَان، والآخر المستطير، وهو الصادق المنتشر في الأفق الذي يُحرّم الأكل والشرب على الصائم، ولا يكون الصبح إلا الصادق. قال الجوهريّ: الفجر في آخر الليل كالشفق في أوله. قاله في "اللسان" (?).
وموضع الاستدلال من الحديث قوله: "ولكن الفجر أن يقول الخ"، وقوله: "حتى ينفجر هكذا وهكذا"؛ لأن فيه بيان المراد من الفجر الذي جعل اللَّه تعالى تبيّنه غاية للأكل والشرب، ونحوهما، وهو الفجر الثاني الصادق المعترض يمينًا وشمالاً. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
2170 أ- (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ, عَنْ أَبِي عُثْمَانَ, عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ, عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ (?)؛ لِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ, وَيُرْجِعَ قَائِمَكُمْ, وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا, وَأَشَارَ بِكَفِّهِ, وَلَكِنِ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا». وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَتَيْنِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرة.
و"يحيى": هو ابن سعيد القطان. و"التيمي": هو سليمان بن طَرْخان، أبو المعتمر البصريّ. و "أبو عثمان": هو عبد الرحمن بن ملّ النهديّ المخضرم العابد المشهور الكوفيّ، ثم البصريّ.
والإسناد مسلسل بالبصريين، غير الصحابي، فكوفيّ.
والحديث متفق عليه وقد استوفيت شرحه، وكذا الكلام على مسائله في "كتاب الأذان"- في باب "الأذان في غير وقت الصلاة" 11/ 641 - رواه هناك عن إسحاق بن راهويه، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه به.
وأذكر هنا شرح ما يحتاج إلى الإيضاح فقط:
فقوله: "ليرجع قائمكم" بفتح الياء، وكسر الجيم المخففة، من الرَّجْع المتعدّي المذكور في قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: 8]، لا من الرجوع اللازم، ومنه قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} الآية [التوبة: 83]، وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {ثُمَّ ارْجِعِ