الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} الآية [الملك: 4]، ويحتمل أن يكون من الإرجاع، وعلى الوجهين فـ "قائمكم" بالنصب، ويحتمل أن يكون من الرجوع اللازم، و"قائمُكُم" بالرفع، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في الباب المذكور.
وقوله: "وليس الفجر أن يقول الخ" أي يظهر هكذا، وأشار به إلى هيئة ظهور الفجر الكاذب، والقول أريد به فعل الظهور، وإطلاق القول على الفعل شائع.
وقوله: "وأشار بكفّه" أي أشار إلى الفجر الكاذب بكفه.
وقوله: "وأشار بالسبّابتين" أي أشار إلى الفجر الصادق بوضع إحدى السبابتين على الأخرى، ومدّها عن يمينه، وشماله. وفي رواية البخاريّ: "وليس الفجر -أو الصبح- وقال بإصبعه، ورفعها إلى فوق، وطأطأ إلى أسفل -حتى يقول هكذا، وأشار زهير بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى، ثم مدها عن يمينه وشماله.
وفي رواية مسلم: "وليس أن يقول هكذا وهكذا" وصوّب يده، ورفعها "حتى يقول هكذا" وفرّج بين إصبعيه". وفي لفظ: "إن الفجر ليس الذي يطول هكذا"، وجمع أصابعه، ثم نكّسها إلى الأرض، "ولكن الذي يقول هكذا"، ووضع المسبّحة على المسبّحة، ومدّ يده".
قال العلامة القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وقوله: "ليس أن يقول هكذا -وصوّب يده، ورفعها- " أي مدّ يده صَوْبَ مخاطبه، ثم رفعها نحو السماء. وفي الرواية الأخرى: "إن الفجر ليس الذي يقول هكذا"، وجمع أصابعه، ثم نكّسها إلى الأرض. وتحصّل من الروايتين أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أشار إلى أن الفجر الأول يطلع في السماء، ثم يرتفع طرفه الأعلى، وينخفض طرفه الأسفل، وقد بيّن هذا بقوله: "ولا بياض الأفق المستطيل" يعني الذي يطلع طويلاً، فهذا البياض هو المسمّى بالفجر الكاذب، وشُبّه بذنب السِّرْحَان، وهو الذئب، وسمي به. وهذا الفجر لا يتعلّق عليه حكم، لا من الصيام، ولا من الصلاة، ولا من غيرهما، وأما الفجر الصادق، فهو الذي أشار إليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حيث وضع المسبّحة على المسبّحة، ومدّ يديه، وهو إشارة إلى أنه يطلع مُعترِضًا، ثم يعُمّ الأفق ذاهبًا فيه عَرْضًا، ويستطير، أي ينتشر. انتهى كلام القرطبيّ (?). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2171 - (أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, أَنْبَأَنَا سَوَادَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ, قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ, يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لاَ يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ