(فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَ عُمَرُ، يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ) أي العموم، وهو أن يكون بصوت، أو ندبة، أو يروي بعض ذلك الكلام، لأن في روايته "ببعض بكاء أهله"، كما سيأتي قريبًا (خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ) وفي رواية البخاريّ: "ثم حدّث، فقال: صَدَرتُ مع عمر من مكة حتى إذا كنا بالبيداء ... " (حَتَّى إِذَا كُنَّا بالْبَيْدَاءِ) بفتح الموحّدة، وسكون التحتانية: مفازة بين مكة والمدينة، قاله العينيّ، وقالَ القاري: موضع قريب من ذي الحليفة (رَأَى رَكْبًا) بفتح، فسكون: أي جماعة راكبين (تَحْتَ شَجَرَةٍ) ولفظ الشيخين: "فإذا هو بركب تحت ظلّ سمرة" و "السمرة" بفتح المهملة، وضم الميم: شجرة عظيمة، من شجر العضاه (فَقَالَ) أي عمر - رضي اللَّه عنه - (انْظرْ مَنِ الرَّكْبُ؟) أي تحقق لي هؤلاء الجماعة، من هم؟ (فَذَهَبْتُ، فَإِذَا) هي الْفُجَائِيَّةُ (صُهَيْبٌ) بصيغة التصغير ابن سنان بن قاسط، كان من السابقين الأولين المعذّبين في اللَّه تعالى، وقد تقدّمت ترجمته 89/ 1346 (وَأَهْلُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَيهِ) أي إلى عمر (فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا) الركب (صُهَيبٌ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ) عمر (عَلَيَّ بصُهَيْبٍ) وللبخاري: "ادعه لي"، و"عليّ" اسم فعل، بمعنى أحضره عندي. زاد في رواية البخاري: "فرجعت إلى صهيب، فقلت: ارتحل، فالحَقْ أمير المؤمنين" (فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، أُصِيبَ عُمَرُ) - رضي اللَّه عنه -، أي أصيب بالطعن، طعنه أبو لؤلؤة عبد للمغيرة بن شعبة - رضي اللَّه عنه -، وسبب ذلك ما رواه ابن سعد في "الطبقات" بإسناد صحيح إلى الزهري، قال: "كان عمر - رضي اللَّه عنه - لا يَأذَن لسبي قد احتلم في دخول المدينة، حتى كتب المغيرة بن شعبة، وهو على الكوفة، يذكر له غلاما عنده صانعًا، ويستأذنه أن يُدخله المدينة، ويقول: إن عنده أعمالًا تنفع الناس، إنه حدّاد، نقّاش، نجّار، فأذن له، فضرب عليه المغيرة كلَّ شهر مائة، فشكى إلى عمر شدّة الخراج، فقال له: ما خراجك بكثير في جنب ما تعمل، فانصرف ساخطًا، فلبث عمر ليالي، فمرّ به العبد، فقال: ألم أُحَدَّث بأنك تقول: لو أشاء لصنعت رحًى، تَطحَن بالريح؟، فالتفت إليه عابسًا، فقال: لأصنعنّ لك رحى يتحدّث الناس بها، فأقبل عمر على من معه، فقال: توعّدني العبد، فلبث ليالي، ثم اشتمل على خنجر ذي رأسين نصابه وسطه، فكمن في زاوية من زوايا المسجد في الغلس حتى خرج عمر يوقظ الناس: "الصلاة الصلاة"، وكان عمر يفعل ذلك، فلما دنا منه عمر وثب إليه، فطعنه ثلاث طعنات، إحداهنّ تحت السرّة، قد خرقت الصفاق (?)، وهي التي قتلته".

وفي حديث أبي رافع: "كان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة بن شعبة، وكان يستغلّه أربعة دراهم -أي كلّ يوم- فلقي عمر، فقال: إن المغيرة أثقل عليّ، فقال: اتق اللَّه، وأحسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015