إليه، ومن نيّة عمر أن يَلقَى المغيرةَ، فيكلّمه، فيخفّف عنه، فقال العبد: وَسِعَ الناسَ عدلُهُ غيري، وأضمر على قتله، فصنع له خنجرًا، له رأسان، وسَمَه، فتحرّى صلاة الغداة حتى قام عمر، فقال: أقيموا صفوفكم، فلما كبر طعنه في كتفه، وفي خاصرته، فسقط". وعند مسلم من طريق معدان بن أبي طلحة: "أن عمر خطب، فقال: رأيت ديكًا نقرني ثلاث نقرات، ولا أراه إلا حضور أجلي"، وزاد في رواية: "فما مرّ إلا تلك الجمعة، حتى طُعن".
وقد ساق البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- قصة قتله - رضي اللَّه عنه - في "صحيحه" مطولة فقال:
3700 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون، قال: رأيت عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه -، قبل أن يُصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف، قال: كيف فعلتما، أتخافان أن تكونا، قد حملتما الأرض (?) ما لا تطيق، قالا: حَمَّلْناها أمرا، هي له مطيقة، ما فيها كبير فضل، قال: انظرا، أن تكونا حملتما الأرض، ما لا تطيق، قال: قالا: لا، فقال عمر: لئن سلمني اللَّه، لأدعن أرامل أهل العراق، لا يحتجن، إلى رجل بعدي أبدا، قال: فما أتت عليه إلا رابعة، حتى أصيب، قال: إني لقائم، ما بيني وبينه، إلا عبد اللَّه بن عباس، غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين، قال: استووا، حتى إذا لم ير، فيهن خللا، تقدم، فكبر، وربما قرأ سورة يوسف، أو النحل، أو نحو ذلك، في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو، إلا أن كبر، فسمعته يقول: قتلني، أو أكلني الكلب، حين طعنه، فطار العِلْج (?) بسكين، ذات طرفين، لا يمر على أحد، يمينا ولا شمالا، إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين، طرح عليه بُرْنُسا، فلما ظن العلج أنه مأخوذ، نحر نفسه، وتناول عمرُ يد عبد الرحمن بن عوف، فقدمه، فمن يلي عمر، فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد، فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان اللَّه، سبحان اللَّه، فصلى بهم عبدالرحمن، صلاة خفيفة، فلما انصرفوا، قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني، فجال ساعة، ثم جاء، فقال: غلام المغيرة، قال: الصَّنَعُ؟ قال: نعم، قال: قاتله اللَّه، لقد أمرت به معروفا، الحمد للَّه الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل، يَدَّعي الإسلام، قد كنتَ أنت وأبوك، تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس، أكثرهم رقيقا، فقال: إن شئت فعلتُ، أي إن شئت قتلنا، قال: كذبتَ، بعد ما تكلموا بلسانكم، وصلَّوا قبلتكم، وحجوا حجكم، فاحتُمل إلى بيته، فانطلقنا معه،