هؤلاء على الثلاث عشرة، وصرح بعضهم بأن ركعتي الفجر من غيرها, لكن رواية شريك بن أبي نمر عند البخاري في "التفسير" عن كريب تخالف ذلك، ولفظه "فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذّن بلال، فصلى ركعتين، ثم خرج".

فهذا ما في رواية كريب من الاختلاف، وقد عُرف أن الأكثر خالفوا شريكًا فيها، وروايتهم مقدّمة على روايته لما معهم من الزيادة، ولكونهم أحفظ منه. وقد حمل بعضهم هذه الزيادة على سنة العشاء، ولا يخفى بُعده، ولا سيّما في رواية مخرمة في حديث الباب، إلا إن حُمل على أنه أخّر سنة العشاء حتى يستيقظ، لكن يعكر عليه رواية المنهال الآتية.

وقد اختلف على سعيد بن جبير أيضًا، ففي رواية شعبة، عن الحكم، عنه "فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم صلى خمس ركعات"، وقد حمل محمد بن نصر هذه الأربع على أنها سنة العشاء، لكونها وقعت قبل النوم , لكن يعكر عليه ما رواه هو من طريق المنهال بن عمرو، عن علي بن عبد اللَّه بن عباس، فإن فيه "فصلى العشاء، ثم صلى أربع ركعات بعدها، حتى لم يبق في المسجد غيره (?)، ثم انصرف" فإنه يقتضي أن يكون صلى الأربع في المسجد، لا في البيت، ورواية سعيد بن جبير أيضًا تقتضي الاقتصار على خمس ركعات بعد النوم، وفيه نظر، وقد رواها أبو داود من وجه آخر عن الحكم، وفيه "فصلى سبعا، أو خمسًا، أوتر بهنّ، لم يسلّم إلا في آخرهنّ".

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وقد ظهر لي من رواية أخرى عن سعيد بن جبير ما يرفع هذا الإشكال، ويوضح أن رواية الحكم وقع فيها تقصير، فعند النسائيّ من طريق يحيى بن عباد، عن سعيد بن جبير "فصلى ركعتين، ركعتين، ثم صلى ثمان ركعات، ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهنّ".

فبهذا يُجمع بين رواية سعيد ورواية كريب.

وأما ما وقع في رواية عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير، عند أبي داود "فصلى ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر"، فهو نظير ما تقدّم من الاختلاف في رواية كريب.

وأما ما في روايتهما من الفصل والوصل، فرواية سعيد صريحة في الوصل، ورواية كريب محتملة، فتحمل على رواية سعيد.

وأما قوله في رواية طلحة بن نافع "يُسلّم من كلّ ركعتين"، فيحتمل تخصيصه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015