(ثُم قَامَ يُصَلِّي) في رواية محمد بن الوليد "ثم أخذ بُرْدًا له حضرمياً، فتوشّحه، ثم دخل البيت، فقام يصلي". (قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْت، فَصَنعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ) ظاهره يقتضي أنه صنع جميع ما ذكره من القول، والنظر، والوضوء، والسواك، والتوشّح، ويَحتمل أن يُحمَل على الأغلب، وزاد سلمة، عن كريب عند البخاري في "الدعوات" في أوله: "فقمت، فتمطّيتُ، كراهية أن يرى أني كنت أرقُبُه"، وكأنه خشي أن يَترك بعض عمله لما جرى من عادته - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه كان يترك بعض العمل خشية أن يُفرض على أمته (ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ) أي عن شماله، ففي الرواية المتقدمة 22/ 806 - من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: "فقمت عن شماله، فقال بي هكذا، فأخذ برأسي، فأقامني عن يمينه" (فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَدَهُ الْيُمْنَى، عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ) وفي نسخة "فأخذ (بِأُذُنِي الْيُمْنَى، يَفْتِلُهَا) وفي نسخة "ففتلها". قال النووي: قيل: إنما فَتَلَها تنبيها له من النُّعاس، وقيل: ليتنبه لهيئة الصلاة، وموقفِ المأموم، وغير ذلك، والأول أظهر، لقوله في الرواية الأخرى: "فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني" انتهى.
وقال في "الفتح". قوله: "وأخذ بأذني" زاد محمد بن الوليد في روايته "فعرفت أنه إنما صنع ذلك ليؤنّسني بيده في ظلمة الليل" وفي رواية الضحاك بن عثمان "فجعلت إذا أغفيت أخذ بشحمة أذني". وفي هذا ردّ على من زعم أن أخذ الأذن إنما كان في حالة إدارته له من اليسار إلى اليمين، متمسكًا برواية سلمة بن كهيل، حيث قال: "فأخذ بأذني، فأدارني عن يمينه"، لكن لا يلزم من إدارته على هذه الصفة أن لا يعود إلى مسك أذنه لما ذكره من تأنيسه، وإيقاظه, لأن حاله كانت تقتضي ذلك لصغره انتهى. (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَينِ، ثُمَّ رَكْعَتَينِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكعَتَينِ، ثُمَّ رَكْعَتيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ) كذا في هذه الرواية, وظاهره أنه فصل بين كلّ ركعتين، ووقع التصريح بذلك في رواية طلحة بن نافع، حيث قال: "يسلّم من كلّ ركعتين"، ولمسلم من رواية علي بن عبد اللَّه بن عباس التصريح بالفصل أيضًا، وأنه استاك بين كلّ ركعتين إلى غير ذلك.
ثم إن رواية الباب فيها التصريح بذكر الركعتين ست مرّات، ثم قال: "ثم أوتر"، ومقتضاه أنه صلى ثلاث عشرة ركعة، وصرّح بذلك في رواية سلمة عند البخاريّ، حيث قال: "فتتامّت"، ولمسلم "فتكاملت صلاته ثلاث عشرة ركعة". وفي رواية عبد ربه بن سعيد عند البخاري أيضًا عن كريب، "فصلى ثلاث عشرة ركعة"، وفي رواية محمد بن الوليد المذكورة مثله، وزاد "وركعتين بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح"، وهي موافقة لرواية الباب لأنه قال بعد قوله: "ثم أوتر": "فقام، فصلى ركعتين". فاتفق