قال النووي -رحمه اللَّه تعالى-: فيه جواز القراءة للمحدث، وهذا إجماع المسلمين، وإنما تحرم القراءة على الجنب، والحائض (?)، وفيه استحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم، وفيه جواز قول "سورة آل عمران"، و"سورة البقرة"، و"سورة النساء"، ونحوها، وكرهه بعض المتقدّمين، وقال: إنما يقال: السورة التي يُذكر فيها آل عمران، والتي يُذكر فيها البقرة، والصواب الأول، وبه قال عامّة العلماء، من السلف والخلف، وتظاهرت عليه الأحاديث الصحيحة، ولا لبس في ذلك انتهى.

وقال في "الفتح": قال ابن بطال ومن تبعه: فيه دليل على ردّ من كره قراءة القرآن

على غير طهارة، لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ. وتعقّبه ابن المنيّر وغيره بأن ذلك مفَرّعٌ على أن النوم في حقّه ينقض، وليس كذلك, لأنه قال: "تنام عيناي، ولا ينام قلبي"، وأما كونه توضأ عقب ذلك، فلعله جدّد الوضوء، أو أحدث بعد ذلك، فتوضأ.

قال الحافظ. وهو تعقيب جيّد بالنسبة إلى قول ابن بطال. بعد قيامه من النوم, لأنه لم يتعيّن كونه أحدث في النوم، لكن لما عَقّب ذلك بالوضوء كان طاهرًا في كونه أحدث، ولا يلزم من كون نومه لا ينقض وضوءه أن لا يقع منه حدث، وهو نائم، نعم خصوصيته أنه إن وقع شَعَرَ به، بخلاف غيره، وما ادعوه من التجديد، وغيره الأصل عدمه انتهى (?).

(ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلقَةٍ) زاد محمد بن الوليد: "ثم استفرغ من الشّنّ في إناء، ثم توضأ". والشَّنّ بالفتح. الِجْلد البالي، وجمعه شِنَان، مثل سَهْم وسِهَام. قاله في "المصباح". وقال النوويّ: إنما أنثها على إرادة القِرْبة، وفي رواية لمسلم "إلى شنّ معلّق" على إرادة السِّقَاء والوعاء". قال أهل اللغة. الشَّنُّ: القربة الخَلَق، وجمعه شِنَان انتهى (?).

(فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأحْسَنَ وُضُوءَهُ) في رواية محمد بن الوليد، وطلحة بن نافع جميعًا: "فأسبغ الوضوء"، وفي رواية عمرو بن دينار، عن كريب: "فتوضأ وضوءًا خفيفًا"، وُيجمع بين هاتين الروايتين برواية الثوري، فإن لفظه: "فتوضأ وضوءًا بين وضوءين، لم يُكثر، وقد أبلغ"، ولمسلم من طريق عياض، عن مخرمة: "فأسبغ الوضوء، ولم يمسّ من الماء إلا قليلاً"، وزاد "فتسوّك"، وكذا لشريك عن كريب "فاستنّ". قاله في "الفتح".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015