ديوان المعاني (صفحة 363)

(فلما مراها هبوبُ الجنوبِ ... وانهمرَ الماءُ منهُ انهمارا)

(تبسمتِ الأرضُ لما بكت ... عليها السماءُ دُمُوعاً غزارا)

(فكان نواجذُها الأقحوان ... وكان الضواحكُ منها البهارا)

وقال ابن مطير وهو أجود ما قيل في سحاب:

(مستضحكٌ بلوامعٍ مستعبرٌ ... بمدامعٍ لم تمرِها الأقذاءُ)

(فله بلا حزنٍ ولا بمسرةٍ ... ضحكُ يؤلفُ بينهُ وبكاءُ)

(ثقلت كلاهُ وأنهرتْ أصلابهُ ... وتبعجت من مائهِ الأحشاءُ)

(غَدَق يُنتج بالأباطح فرَقا ... تلدُ السيولَ وما لها اسلاءُ)

(وكأنَ ريقهُ ولما يحتفل ... ودقُ السحابِ عجاجة كدراءُ)

(غرٌ محجلةٌ دوالحُ ضمنت ... حَفْلَ اللقاح وكلها عذراء)

(سجمٌ فهنَ إذا كظمنَ فواجمٌ ... وإذا ضحكنَ فإنهنَ وضاءُ)

(لو كانَ من لجج السواحلِ ماؤهُ ... لم يبقَ من لجج السواحلِ ماءُ)

ومن هذا البيت أخذ المتكلمون الحجة على الفلاسفة في قول الفلاسفة المطر إنما هو البخاران ترتفع من البحر، قالولهم لو كان الأمر كذلك لكان ماء البحر ينقص عند كثرة الأمطار فقالت لا يلزم ذلك لأن البحر مغيص لمياه الأرض فمصير ما يتحلب من الثلوج إليه ومنه مواد هذه الأشياء فمثله مثل المنجنون يغرف من بحر ثم يصب فيه فليس له نقصان والذي ينقص هذا أن ماء البحر يزيد عند كثرة الأمطار وينقص عند قلتها والعادة في ذلك معروفة ولو كان الأمر على ما يقولون لكان ماء البحر ينقص على مررو الأوقات لا محالة لأن الشمس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015